TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: باي باي أيها المضحك

العمود الثامن: باي باي أيها المضحك

نشر في: 11 مايو, 2020: 09:41 م

 علي حسين

هل انتهت حقبة عبد الكريم خلف في فضاء الكوميديا العراقية، بإعفائه من منصبه، وإغلاق فمه الذي كان يثير الاضطرابات والكراهية ضد المتظاهرين؟

والسؤال الأهم هل صورة عبد الكريم خلف أمام القضاء بتهمة التحريض على قتل شباب التظاهرات، ستكون مشهد النهاية في مسيرة هذا الرجل الذي صقل موهبته في الانتهازية دون تعب، واستفاد ببراعة من مدرسة الكوميديا السياسية التي تزعمها عادل عبد المهدي؟ ، وكان واضحًا مدى تأثره بمن سبقه من الناطقين من الذين كان يكفي أن يفتح الواحد منهم فمه حتى يثير سخرية المشاهدين، وأرجوك، تذكّر أن كثيرًا من المقولات التي ردّدها الناطق عبد الكريم خلف ، هي نفسها التي ظلت الناس تعيش معها سنوات عجاف ، كانت حكومة عبد المهدي مصرة ان تعيد علينا مشاهد قديمة تخدع بها الجمهور حين تقول لهم إن ما سيشاهدونه في الإعادة إنتاج جديد، فلا تغيير في السيناريو ولا الحوار، كما أن أماكن التصوير هي ذاتها في كل العروض السابقة، فضلا عن أن جهة الإنتاج واحدة، والمخرج نفسه، والببغاء نفسه !! .

عبد الكريم خلف كان مثل هذا النوع من اللاعبين على الحبال لا يترك لك الخيار، شخصية مركَّبة ومكوّنة من جميع أدوات الوصولية السياسية التي انتشرت في بلاد ما بين النهرين، وسواء وقف على المنصة يسطر الأكاذيب ضد ساحات التظاهر، أو جلس في التلفزيون يروي قصص خيالية عن المؤامرة التي يقودها شباب ساحة التحرير وساحة الحبوبي، ظل عبد الكريم خلف يجسد مفهومًا جديدًا عن الحكومة يقوم على أن أعداء العراق هم المتظاهرون ضد الفساد، في مقابل الجماعات المسلحة التي وجدت في عادل عبد المهدي صديقًا وحليفًا وداعمًا وراعيًا لها.

في هذا المكان كنت قد تنبأت بهذه النهاية لعبد الكريم خلف وكتبت أنه سيختفي من المشهد، ويجلس في البيت يشاهد التلفزيون ويتذكر أيام ما كان يدور على الفضائيات يشتم الحكومة ويطالب بالعصيان المدني ودخول المنطقة الخضراء و"سحل" السياسيين جميعا.. تلك التغريدات التي كان يكتبها قبل أن يصبح "ببغاء" عادل عبد المهدي ويحرض فيها على العنف.. لكن الرجل ظل مصرًا على أن يقدم مشاهد مبتذلة من عينة أن المعتصمين من الطلبة سيتم اعتقالهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب .

لا أعرف عدد، أو نسبة العراقيين الذين سوف يتساءلون: ماذا تنتظر الحكومة لتقدم عبد الكريم خلف ومعه قتلة المتظاهرين إلى القضاء؟، فيا سادة ليس من المعقول أن نظل نعيش مثل أبطال رواية الكولومبي الساحر غابريل غارسيا ماركيز "قصة موت معلن" في مدينة تعرف أسماء القتلة والمحرضين وكيف يقتل الناس، ومع هذا لا أحد يريد أن يكشف تفاصيل هذه الجرائم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid Muften

    الشعوب لا تموت واقوافل الثوار والشهداء تستمر ولتخرس ابواق المزمرين لرمز من طين !!!

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram