محمد حمدي
لفت شاعر العراق الكبير معروف عبد الغني الرصافي الانتباه الى الوزارات العراقية وعملها وسطوة المستشارين الإنكليز فيها، وعرّج على العمل الوزاري وشخصية الوزير والمحيطين به وأقرب الأقربين ومن يتبع سياسة ( على صوت الطبل خفّن .. )
ومن يأمل بوساطة أو موقف مفيد على خلفية حالة حصلت مع شخص الوزير في السابق ويضع صورته ماسكا كتف الوزير وضاحكا بزاوية منفرجة حد البلعوم ويذكره الآخر بان عمّه صاحب الفضل في وصوله الى العراق واستقباله في المطار وهذا الشبل من ذاك الاسد بشعار أن ( القاط وربطة العنق واحدة).
مشكلة قديمة حديثة التي شخصها منذ ذلك العهد شاعرنا هي القناعة بان الحل يأتي من الرمز، والرمز هنا الشخص فتحسّن حال الوزارة وخدماتها لابد أن يكون مقترنا بشخص الوزير اما بقية ملاكاتها من وكلاء وزير ومستشارين ومدراء فهؤلاء لا تشملهم رياح التغيير حتى وإن هبّت بوجه مكاتبهم وسياسة الوزارة التي تعتمد سياسة الحكومة بخطوطها العامة ليست بذي أهمية وإن كانت خاطئة طالما أن الوزير المرغوب به اليوم هو رأس المطلب .
استمعت الى أحد البرامج الرياضية قبل يومين وقد استضاف المقدم فيه شخصية رياضية أكاديمية بدرجة دكتور والآخر إعلامي أصرّ بحديثه على أنه رجل العلاقات العامة الأول في العراق ومصدر الدراية الباراسايكولوجية بالخبر حتى قبل أن تطرحه المؤسسة المعنية والمسؤول الحكومي ، وكان الحديث منصباً عن استيزار الكابتن عدنان درجال للشباب والرياضة ومستقبل الرياضة العراقية بتواجده ، أسهب الدكتور في الإشارة الى تاريخ الكابتن درجال في عالم الساحرة المستديرة ووقوفه سداً منيعاً عن مرمى أسود الرافدين وتحدث عن علاقته بالوزير والتاريخ الرياضي بمراحله التي مرّ بها الكابتن وهي في الغالب أحاديث معادة يعرفها الجميع ولا جديد فيها واختتم حديثه (بحجة موسى على قومه) ناصحاً الوزير بمحاربة المفسدين في الوزارة والأولمبية والأندية والاتحادات ولجان الشباب والرياضة في المحافظات ولم يتكلف عناء التذكير كاسقاط الفرض بدور الوكلاء والمدراء والمستشارين وغيرهم وبعض المفاصل التي لا ضرورة تذكر من تواجدها والأدهى أن الضيف الآخر نصحه بتقريب مجموعة من الحريصين وإبعاد مجموعة من المتصيّدين في الماء العكر لأنهم لم ينصحوا بأمانة ثلاثة وزراء سابقين وأن يتصدّى لهذه القناة الفضائية ويقرّب الأخرى .
لقد كانت الوزارة بنظرهم ونظر غيرهم من الأشباه هي مجرد مؤسسة لعلاقات عامة ومصالح وأصدقاء ومحابين لشخص الوزير ولكن الحديث عن المشاريع الستراتيجية وتعثر الخدمات الشبابية وحاجة الوزارة الى الدعم الحكومي المركزي كل هذه الأشياء لم تكن مهمة أو يعتريها الاهتمام من أي جانب طالما كان الوزير على قدر من التأثير والكاريزما الجاذبة والتاريخ وهي حالة ربط لا تمت الى المقاييس العلمية بصلة وصل .
إن ما ينتظر الكابتن عدنان درجال في مهمته الجديدة الصعبة هو التخطيط والموازنة بين العنوانين الشباب والرياضة والتعامل المهني مع دوائر الوزارة وكثرة المهمات الخاصة بها والاستفادة من جميع التجارب السابقة للوزراء وعدم التفكير جلياً باستنساخ تجربة أي منهم ، طريق العلم والمنطق في العمل الشبابي الرياضي واضح لا لبس فيه والتطبيق يأتي من معادلة متوازنة لا تقبل الخطأ.
بقي أن نذكر بأن جيل المخضرمين الذين عايشوا جميع الوزراء السابقين ومن سبقوهم بإحسان سيظلّون يتحيّنون أية فرصة للنفاذ والخوف كل الخوف أن ينالوها.