إياد الصالحي
عُرف العراق كغيره من البلدان التي شغلتها المنابر الفكرية والثقافية لدهور مختلفة بتبنّي رجالات الأدب والعلم والتاريخ والاقتصاد صالونات متنوّعة تجمع نًخباً متخصّصة في بيت الداعي ذي الشخصية البارزة "خبرة وسنّاً وتأثيراً"
لطرح حزمة من المحاور الجديدة المؤثرة في مهنة المجتمعين، ويدلو كل شخص برأيه ويتبادلون التوافق أو التعارض حسب قيمة المعروض في النقاش الذي يخرج غالباً بتوصيات يمكن أن تترك باباً مفتوحاً لإضافات أخرى في لقاء لاحق حسب رأي الأغلبية أو بمقترح من الداعي نفسه وفقاً لمواعيد مجلسه الأسبوعي أو النصف شهري أو الشهري.
ما بعد عام 2003، لم يكن هناك اهتمام بشؤون الرياضة بين صالونات المجتمع العراقي المتنوّع في قضاياه، والمعطاء في ثقافة تحليل الظواهر والسلوكيات والأنظمة والقوانين، بفلسفات تعمّق الجِدال لدى الشعب أو الفرد أو الحزب أو الكتلة أو النشطاء المهتمين، بينهم من ينهي جلساته بقناعة ومنهم من يفنّد النتائج دون أن يقدم حجّته، وشكّل صالون الدكتور باسل عبدالمهدي ظاهرة لافتة لأول مرة في تاريخ الرياضة العراقية من حيث نوعية المواضيع المختارة وتنوّع ضيوفه تحت مسمّى (المنتدى الثقافي الرياضي) الذي رعاه في منزله بحضور شخصيات رياضية وقانونية وإعلامية تماهت في الطرح مع شؤون مختلفة من 4 شباط إلى 4 كانون الأول عام 2015 لتعميم الفكر الرياضي العلمي وتوثيق مسيرة الرياضة واحداثها.
ونظراً للظروف الصحية التي تحيط بالعراق والعالم منذ آذار الماضي نتيجة تفشّي وباء كورونا (كوفيد- 19) اضطرّ الرائد الصحفي الرياضي الدكتور علي الهاشمي أن ينشئ أول صالون صحفي رياضي إلكتروني في العراق عبر تطبيق (واتساب) يوم 10 أيار 2020 يضم نخبة من رجالات المهنة من مختلف الحقب تحت مسمّى (اتحاد الصحافة الرياضية) ليس تعبيراً عن توجّهات وأفكار الاتحاد بوصفه الرسمي، بل لتوحيد خطاب العاملين في الصحافة الرياضية نحو عديد المواضيع ذات الخصوصية بالمهنة وارتباطاتها مع بقية المؤسسات الرياضية التي تعد الصحافة الرياضية شريكة في صناعة الانجازات وليس الأزمات مثلما يُنظر لها اليوم وبعض ممثليها يشكلون خطراً بسلوكهم السلبي على دورها المؤثر إيجابياً في المجتمع الرياضي عبر تاريخها الطويل بعدما نجحوا في التسلل الى الواجهة بأصواتهم النشاز، لا يتورّعون من تكريس أجندة الفوضى في بلاطها!
أحد ضيوف صالون الهاشمي، استغربَ الصمت العَمد لكبار رجالات المهنة تجاه تلك الأصوات، وهو يدرك أن صمتهم ليس جُبناً، بل تحاشياً من رمية حجارة جاهل أو فاسد أو مبتزّ وجد في المهنة أرضاً خصبة لزرع الشرّ والفتنة والحقد ليحصد ثمار نزواته على حساب سمعة الانتماء الغارق في الضعف والانقسام والخوف من الخوض في معايير بدائية تشذّب الصالح من الطالح.
لن نصمت ولن نداهن ولن نتفق.. لا لن نهزّ الرؤوس باطلاً إزاء كل مظاهر الانحطاط والتهديد والتوطِئة التي حصرت الصحافة في زاوية يتأسّى عليها روّادها ويترحّمون على ماضيها التليد بكل مأساته ورعبه في زمن النار والحديد وشهودها بيننا أساتذة كبار حباهم الله بالصبر والاجتهاد والإبداع، وفي الوقت نفسه لم ينسوا اخلاقيات المهنة ولم يجاملوا أحداً أو يربتوا على اكتاف طارئين، كانوا في منتهى الحذر من التعامل مع طارقي أبواب الصحافة الجُدد وإن كان بعضهم يستحق الفرصة والرعاية والثقة، لكن الضوابط والتشدّد والتمحيص حصرت عدد أعضاء الهيئة العامة حتى 9 نيسان 2003 بـ 38 عضواً فقط هُم العاملون الفعليون في 5-10 صحف ومجلات قبل أن يصبح عددهم حسب آخر بيان رسمي عام 2018 (224) عضواً مع بقاء نفس أعداد الصحف والمجلات الفاعلة في المشهد المهني وإن تغيّرت الاسماء والمضامين.
ويبقى الحديث ذو شجون عن واقع المهنة، مع أننا قطعنا عهداً لزملاء مقرّبين بأننا لن نخوض في واقعها المرير ثانية يأساً من حالة الجمود التي تمر بها الهيئة العامة، وسنترقب تفاعل من يعنيهم الأمر مع استغراب ضيف الهاشمي، والمباشرة بإتخاذ الإجراءات الاصلاحية لما فيها من تنظيم ومصلحة وحماية للمنضوين تحت خيمتهم الكبيرة اتحاد الصحافة الرياضية.