TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: النجيفي ينافس رامز

العمود الثامن: النجيفي ينافس رامز

نشر في: 17 مايو, 2020: 09:50 م

 علي حسين

بمنتهى الكرم والأريحية من السيد أثيل النجيفي، احد رواد الديمقراطية في العراق، أن يطلب من العراقيين الذين عاشوا 17 عامًا من الخراب، أن يذهبوا إلى صناديق الانتخابات حتى ولو اضطر الأمر إلى أخذهم بالقوة، ونحمد الله على أنه لم يقترح على الأجهزة الأمنية اعتقال كل مواطن لا يضع في صندوق الانتخابات صورة أثيل النجيفي ومعها شقيقه أسامة النجيفي..

عندما كتب الأيرلندي جيمس جويس روايته الأخيرة "يقظة فينيجان"، يقال أنّ عدد الذين فهموها لم يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولأننا شعب يحبّ المنافسة ويطلب العلا ويسهر بانتظار بزوغ شمس الكتلة الكبرى، كان لا بد من أن نقدم للعالم سياسيين لا يفهمهم أحد.

أعود لمقولة السيد اثيل النجيفي التي يقول فيها وبالحرف الواحد: أن "الوضع الانتخابي في العراق يحتاج إلى تشريع قانون المشاركة الإجبارية في الانتخابات وتحميل المتخلفين عنها عقوبة أو غرامة"، مضيفًا سيادته أن "بناء الدول لن يكون بإهمال المواطنين للانتخابات والبحث عن بدائل غير ديمقراطية للتغيير".

في كل يوم أقرأ تصريحات الكثير من سياسيينا الذين لا يتوقفون عن إطلاق الجمل النارية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، يخدعون الناس بكلام معسول ثم يفاجئونهم بالفشل في أول امتحان حقيقي للديمقراطية، سياسيون يطنطنون بكل المصطلحات الوطنية والشعارات الحماسية، نحسبهم أسودا في مواجهة الفساد والتحزب الطائفي ثم نفاجأ بأنهم ليسوا أكثر من نعامات تخفي رؤوسها في الرمال ولا تخرجها إلا عندما يأمر زعماء الطوائف، يدعون أن حياتهم مكرسة من أجل حقوق الإنسان، وأن النوم يجافي عيونهم حتى تتوقف الانتهاكات وتشرق شمس الحرية والعدالة الاجتماعية، ويزداد سطوع النزاهة والشفافية، ثم نكتشف أن كل ما يهمهم في الحياة هو الحصول على الدولار واليورو والريال والتومان والليرة وحتى الكرونه الدنماركية، يحترفون التنقل من القومية إلى الاشتراكية إلى شقيقتها الماوية وصولًا إلى رأسمالية ريغان قبل أن يستقر بهم الحال منظرين لقوانين الحشمة والعفة والأخلاق، يملأون الدنيا، صخبًا وضجيجًا، عن المساواة والعدالة ونبذ الطائفية والمحاصصة السياسية وتجدهم أول المنتهكين للعدالة، يقفون كالمتسولين في باب الطائفية طمعًا في منصب ونفوذ، سياسيون يلعبون على كل الحبال، يطلقون غازات ثقيلة من الخطب والشعارات والبيانات التي تملأ فضاء السياسة وأظن أن كلام اثيل النجيفي لا يصدر إلا عن رجل يعشق الكوميديا ويمارسها. 

بيان النجيفي الأخير يكشف إلى أي مدى يمارس بعض الساسة ألوانا مبتكرة من خداع الذات، والأخطر أنهم يعيشون مرحلة غير مسبوقة من الانفصال عن مشكلات الناس وهمومهم، ومن ثم لا نعرف متى يتحدث النجيفي بجد ومتى يحول الجد إلى منافسة لبرنامج رامز جلال " مجنون رسمي جدا" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid Muften

    ا.علي حسين . مزيدا من المسامير المدببة التي تدقها بعناية في نعوش الفاسدين وسراق المال العام .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram