TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: اصحاب البلاد

العمود الثامن: اصحاب البلاد

نشر في: 18 مايو, 2020: 10:15 م

 علي حسين

يقولون لك إنّ على العراقيين أن لا يفكروا بإصلاح النظام السياسي الخرب في العراق، ويقولون لك إن المشكلة ليست مع نهب أكثر من تريليون دولار وقتل الآلاف وتشريد الملايين، ولا مع الأحزاب التي تحولت إلى حيتان تبتلع كل ثروات البلاد،

لكنها، أي المشكلة، مع إصرار العراقيين على "خلع" عادل عبد المهدي من كرسي رئاسة الوزراء، إنها المؤامرة، هكذا أخبرنا السيد علي الكوراني قبل أيام مؤكدًا أن الحكومة الجديدة، حكومة أمريكية، وطالب بعدم السماح لها بتنفيذ أغراضها.. والسيد الكوراني نفسه كان قبل أشهر قد هاجم المتظاهرين بحجة أنهم يريدون تقويض الحكومة القائمة وأن أهدافهم إمبريالية.. وهو يعتقد حتى هذه اللحظة أن هذا الشعب لا يجوز له الاعتراض، وعليه أن يشكر الله على نعمة الأحزاب "المؤمنة" التي تحكمه. 

السيد الكوراني، وهو رجل دين له مكانته في لبنان، يعرف جيدًا أن لا أحد يمكن ان يعترض على كلامه، وأن يقول له إن هذا تدخلًا في شؤون بلاد أخرى، وأن بإمكانه أن يقدم هذه النصائح لبلاده لبنان التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية كبيرة .

أرجو من جنابك عزيزي القارئ أن تلاحظ أنّ البعض لا يرى أيّ غضاضة في أن يعلن الولاء الكامل لدول الجوار ولما بعد دول الجوار أيضًا، وكلّ ما هو خلاف ذلك في حاجة إلى رخصة من أصحاب السيادة! سبعة عشر عامًا والبعض لا يريد للعراق أن يصبح دولة مستقلة، ومنذ أشهر ظل هذا الشعب ينتظر الإذن لتشكيل الحكومة، وحواس الكثير من الساسة متيقظة لمتابعة ما ستقوله دول الجوار عن شكل الحكومة الجديدة، ولكن المواطن العراقي مغيب يحضر فقط في أخبار الخطف، والطعن بالسكاكين مثلما حدث أمس للفتاة شيماء محمد التي ارتكبت جريمة كبيرة لأنها كانت تسعف المتظاهرين .

لا أتذكّر منذ سبعة عشر عامًا أنّ مسؤولًا عراقيًا اعترض على ما يقوله ساسة دول الجوار عن العراق، وتتذكرون معي كيف أن ساسة العراق ومعهم الشعب العراقي لم يتدخلوا عندما حدثت احتجاجات في لبنان أو ايران، لكنهم في الوقت نفسه ذرفوا الدموع على تظاهرات البحرين، في الوقت الذي كانت فيه الأجهزة الأمنية تطلق الرصاص الحي على المتظاهرين في ساحة التحرير وساحة الحبوبي والنجف وكربلاء .

ليست المسألة متوقفة على السيد علي الكوراني فقط، بل تشمل العديد من ساسة دول الجوار والذين يعتقدون انهم اصحاب هذه البلاد ، وأنهم صاروا السلطة ذاتها، ، لينهالوا بالاتهامات بالخيانة والعمالة والإلحاد على كل من تظاهر أو احتج على الخراب .

لا أتذكّر أنّ بلادًا تعثرت كما نتعثر. لماذا؟ لأنه لا يوجد مسؤول أو سياسي يستطيع أن يقول ، لماذا تتدخلون في شؤون العراق؟ 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو ايمان

    والسبب من ولدوا على هذا الوطن باع الوطن للاجنبي والذي لا وطن له لا شرف له واحلى من الشرف مفيش

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram