محمد حمدي
ربّما أثرت جائحة كورونا على الإعلام ومصادره بصورة مباشرة إسوة بما حصل في جميع مجالات الحياة الأخرى حتى ندرت مصادر الخبر وتأكيد المعلومة ما جعلت مقدمي البرامج الرياضية لدينا يجنحون بمخيلتهم الى تصوّرات غريبة هي أبعد ما تكون عن الواقع، وبذلك يكونوا قد ضربوا مهنيتهم عرض الحائط وشوّشوا أفكار وتصوّرات الجماهير الرياضية.
سجّلت ملاحظاتي ثماني مشاهدات تستحق الرد، ولكن ليس في مواقع التواصل الاجتماعي كي لا تحسب بأنها نكاية بهم أو تصيّد للزلات التي لا بدّ أن تحصل هنا وهناك مهما كان البرنامج على درجة من التحضير، فخلال ملاحظة ومداخلة مع أحد البرامج تصوّر الحضور وبضمنهم المقدم أن وزارة الشباب وحدها المسؤولة عن تأخير صرف مستحقات الاتحادات الرياضية ويؤيّد الحضور الكلام بقوة ويبرّئون ساحة وزارة المالية عن أي إرباك حاصل، غير أن الحقيقة تشير وبالوقائع المثبّتة أن وزارة المالية هي من يغفل حقوق الاتحادات بأطر روتينية لا موجب لها، والجميع يعلم أن المالية هي المتصدّي الوحيد للأحداث على الساحة حالياً بفعل توقف الحياة العملية الى حدود غير مسبوقة لظروف نعلمها وجميعنا يترقب بشغف بالغ لحظة إطلاق الأموال للرواتب وبقية الصرفيات المستحقة.
على جانب آخر، وفي برنامج شبيه تقريباً بالتسمية وبأزياء الحضور، تتم مناقشة آليات عمل نقابة الرياضيين التي كثر ضجيجها هذه الأيام دون أن نلمس منها ما يهم فئة الرياضيين التي تعاني الأمرين ولا منقذ لها، ويذهب المتبارون يميناً وشمالاً في البحث عن النقابة وولادتها العسيرة بين أربعة أطراف كلّ منها يدّعي الوصل بليلى ويطرح الأدلّة النقلية والعقلية على أنه ومجموعته الأقرب الى الأصل في الانبثاق، عتمة جديدة وتسابق في كيل الاتهامات بين نجوم رياضة سابقين وقد تناسوا أن الهدف منها مصلحة عامة لمنظمة مجتمع مدني ترعى وتتابع حقوق مجموعة من الرياضيين بحسب ما يتيح لها ظرف إسنادهم ، وهنا ينبري المقدم ليكون محامياً وداعماً لأحد الفرق النقابية المتبارية ولا نعلم من أين جاء بكم المعلومات الخاطئة التي لا تمت الى الواقع بصلة وصل.
برامج أخرى بحثت في مستقبل الكابتن عدنان درجال مع وزارة الشباب والرياضة وإياد بنيان مع هيئة التطبيع لاتحاد الكرة وموعد دوري الكرة المقترح تموز المقبل وأخرى وصلت الى الدرك الأسفل في وضع الشرعية على الاتحادات المنقسمة على ذاتها، ومن له الحق في المخاطبات الرسمية مع الوزارة الشبابية بتشكيلتها الجديدة، أحدهم يصوّر للجمهور تواجد حزمة من القوانين الجاهزة للأولمبية والاتحادات والأندية ولا يعي أبداً ما صدر حتى الآن بعد القراءة الأولى لأحدها متوّهما أنه الوحيد الذي يعلم ما جرى ويجري وعليه أن يفيض بما لديه على الجمهور المخاطب.
الحقيقة أن أغلب البرامج عدّت بأجزاء من الحقائق وتركت كبد الحقيقة دون إصابة ولو أن المعدّ كلّف نفسه بالاستقصاء والتحرّي ليكون هدفه سامياً لم يقع بمثل هذا التشويش حدّ التخبّط بالأسماء والمناصب والتاريخ وأحداثه، وهذه تعد من كوارث العمل الإعلامي الذي غابت عنه المهنية واستسلم الى لغة التصوّرات أو الاستماع السلبي من أرباع المثقفين بالعمل الرياضي، والمصيبة الأكبر هو الاستمرار على النهج طالما كان الهدف صرف ساعة من الزمن تكون عابرة أياً كان الحديث فيها وإن كان لا يمت الى الحقيقة بصلة وصل.
إن الحديث الذي أدرجه لا بدّ أن يكون محسوساً ومشخّصاً من قبل الكثير من الإعلاميين أو الرياضيين المطّلعين وهو لا يلغي بطبيعة الحال وجود برامج رصينة لها مكانتها وثقتها لدى الجماهير، وتعمّدت أن لا أشير بالأسماء والقنوات لأن مردود ذلك سيكون سلبياً بالتأكيد وينحو بنا من مبدأ التصحيح والمراجعة الى الجدل العبثي الذي يضعنا في حلقة مفرغة، كما أن التعلّم والتطوّر والتحضير الجيّد للبرنامج هو نهج صحيح نتمنى أن يتم العمل به وليس العكس!