علي حسين
في واحدة من حلقات المسلسل الضاحك "حمّام الهنا" يظهر غوّار الطوشي وهو يخبر أحد زبائن الحمّام أنّ جناب المختار قال لسكان الحارة إنّ اللصوص يخافون الاقتراب من الحارة، لكنّ المواطن المسكين ما أن سمع هذه الكلمات حتى مات من الضحك.
بالأمس تذكرت غوار وزميله حسني ، وأنا أقرأ التقرير الذي يقول إن النزاهة اكتشفت وجود نقص في مادة الحنطة في مخازن سايلو النجف يصل إلى أكثر من (750) طنًا، وليخبرنا القائمون على السايلو أن النقص سببه طيور لا تشبع أكلت 750 طنًا من الحنطة.
المشكلة الكبرى في هذه البلاد أنّ الجميع يشعر بالمتعة وهو يطلق بالونات الكذب والخديعة، وفي الدول العاديّة يكون القضاء سيفًا قاطعًا لمحاربة اللصوص. أما في بلاد "ماجد النصراوي" فأكثر ما يخشاه مسؤول سرق مئات الملايين من الدولارات هو أن تُسحب يده، أما المحاكمة والسجن والغرامة وإعادة ما نهب، فهذه أصبحت من الكماليّات!
في كل عام يخبرنا المسؤول الأول أنّ الحرب على الفساد بدأت ولن تتوقف حتى سقوط آخر قلعة من قلاع الفساد، ولأنّ جنابي يطلق عليه لقب مواطن صالح، فقد كنت أستمع لخطب السادة المسؤولين وأسأل: هل في العام القادم سيحين قطف رؤوس الفساد؟ ومرت الأيام ودارت الأيام مابين حسين الشهرستاني الذي لايزال ينام آمنًا مطمئنًّا، وخضير الخزاعي الذي يتمتع بأموال المدارس الحديدية، ومثنى السامرائي الذي بلع أموال الكتب المدرسية ومئات غيرهم برعوا بممارسة النهب المنظّم بالعلن.
مرَّ زمن طويل لم أقرأ روايات بوليسية محكمة مثل رواية "عصافير سايلو النجف" فقد كنت في شبابي مغرمًا بكتابات أجاثا كريستي وجورج سيمنون الذي كتب أكثر من خمسمئة رواية باعت ما يقارب أربعمائة مليون نسخة، وسحرني آرثر كونان وبطله شارلوك هولمز الذي كان بارعًا في الإثارة وفي الأسلوب الساحر الذي ينسيك أن الحكاية من أولها إلى آخرها مجرد خيال، والغريب أن السيد كونان حصل أثناء حياته على أعلى الأوسمة، ومعها ثروة وضعته في مصاف أغنياء بريطانيا، إلا أن أمه ظلت لا تصدق أن ابنها الذي فشل في الطب يمكن أن يحظى بمقابلة الملكة فكتوريا، ومات كونان وهو يحصد ثمار الشهرة والنجاح، لكن الناس واصلت شغفها بأشهر محقق خيالي في العالم وحكاياته .
منذ سنوات ونحن نعيش في أجواء سلسلة مثيرة من روايات الخيال الغامضة، وكان العراقيون يظنون أن التغيير سيجعلهم يعيشون عصرًا جديدًا من الأمان والرخاء، ولم يكونوا يتوقعون أن الدولة تخاف من المليشيات ، وأن الناس ستقرأ عن الطيور التي سرقت مئات الاطنان من الحنطة ، وتفوقت على طيور المرحوم " هتشكوك " .
جميع التعليقات 2
Khalid muften
الاعذار اقبح من الافعال بالامس المركزي اتهم المطر بغرق المليارات واليوم تتهم الطيور بابتلاع الحنطة والفاسدون في امان .
Anonymous
الصحه والعافيه دائما تحفه وساحر مليون شكرا لكم على كل شيئ