TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دولة عسولة

العمود الثامن: دولة عسولة

نشر في: 26 مايو, 2020: 09:20 م

 علي حسين

وأنت تشاهد فديو المدعوة " عسولة " وهي تصرخ وتشتم القوات الامنية وتهدد بالاتصال بكبار المسؤولين دون ان يقول لها احد " على عينك حاجب " ، تذكر عزيزي القارئ ، صور سحل وضرب الشابات والشبان أصحاب الشهادات العليا الذين اعتصموا سلمياً أمام مجلس الوزراء مطالبين بفرص عمل،

هل سألت نفسك عن أن العراقيين الذين قدموا كل هذه التضحيات من أجل الديمقراطية التي يتغنى بها معظم المسؤولين، يجدون انفسهم اليوم وكأن شيئاً لم يتغير وان الاجهزة الامنية لا تزال تمارس دورها القمعي الذي مارسته مع شباب تظاهرات 2011 ، ومع المحتجين في البصرة، ومع كل من تسول له نفسه ان يقول: انا املك حقوقا في هذه البلاد . من باب التذكير فقط احيلكم الى خطابات ومناحات قام بها اعضاء "اجلاء" في مجلس النواب وهم يشاهدون الشرطة البحرينية تستخدم العنف في تفريق التظاهرات. 

في دولة " عسولة " تقول تقارير اللجان المالية والرقابية إن خسائرنا على الكهرباء بلغت أكثر من ثلاثين مليار دولار عدًا ونقدًا، وقد يكون الرقم زائدًا أو ناقصًا. لكن، إذا كان ما صرف على الكهرباء مبلغ يعادل ميزانية دولة مثل الأردن لثلاث سنوات ونصف فهذه كارثة، وإذا كنا حتى هذه اللحظة لا نعرف أين تبخرت هذه الأموال، فالكارثة أعظم. وهناك ما هو أعظم: أن نذهب إلى صناديق الانتخابات للتصويت للسراق .

الجزء الأكبر من أخبار ساسة العراق مضحك ومخجل، مثله مثل الأخبار التي تقول إن عزت الشابندر سيكتب مقالات عن الديمقراطية التي يريد من الشعب ان يحفظها جيدا ..الديمقراطية التي تقول ان هذه البلاد بعد ان حصدت من النفط مبلغًا ربما تجاوز التريليون دولار، تقف على أبواب المنظمات الدولية نتسول المساعدة 

كنّا جميعاً أنتم وجنابي نحلم أن يكون العراق بعد عام 2003 بلداً للرفاهية والعدالة والقانون، لكنّ الذي حدث كان خارج الأحلام. اختُطف التغيير من قبل أحزاب سعت إلى أن تفصِّل الحكم على مقاسها الخاص، وأصبحت العدالة الاجتماعية، والتسامح والعيش المشترك مؤامرة ماسونيّة. وتحقّق شيء واحد: دولة الفرهود. في كل يوم يكتشف المواطن العراقي انه على حافة المجهول. والمجهول في كل مرة مؤلم، لأنه يتعلق بمستقبل الملايين من الناس الذين لاتعنيهم معركة أحزاب السلطة على كراسي الحكومة، ما دام الخراب يخيم على مؤسسات الدولة

كان الروائي الايطالي الشهير ألبرتو مورافيا يقول لا يمكن ان تكون هناك إيطاليا إلا إذا اعترف السياسيون أن هناك دولة إيطالية قبل ان يكون هناك سياسيون، مشكلتنا أن المسؤولين يعتقدون أنهم وُلدوا قبل الدولة والوطن، ولولاهم لضعنا وضاع العراق وضاعت معه السيدة "عسولة"!!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ناطق حق

    لدي مقال اقتصادي مميز للحلول المالية للعراق يشكل مركز و مختصر . أرجو أرسال ايميل حضرتك أو الأستاذ فخري كريم لأرسله لكم. مع الشكر. ناطق حق

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram