TOP

جريدة المدى > عام > رواية ( كل هذه الزرقة) رحلة صوفية في لامتناهية اللون الأزرق !

رواية ( كل هذه الزرقة) رحلة صوفية في لامتناهية اللون الأزرق !

نشر في: 30 مايو, 2020: 08:06 م

ترجمة : عدوية الهلالي

بيرسفال ايفريت هو مؤلف امريكي من أصل أفريقي ، له ثلاثين كتاباً ، وهو متخصص في النظرية النقدية في جامعة كاليفورنيا ..

يشبه ايفريت فرسان عصر النهضة فهو رسام وموسيقي وفيلسوف ومعلم أبهر الاكاديمين فأسسوا جمعية بيرسفال ايفريت الدولية التي تحمل اسمه ، وهي منظمة تضم علماء وباحثين وأكاديميين فرنسيين وأمريكيين ..

أصدر ايفريت مؤخراً روايته الجديدة التي تحمل عنوان ( كل هذه الزرقة ) عن دار آكت سود للنشر في 334 صفحة ، وهي رواية واقعية ظاهرياً لكنها تحمل الكثير من عناصر الحداثة ، ففي الوقت الذي يغوص فيه ايفريت في الخيال الغربي تحت تأثير مدارس الكتابة الابداعية ، بواقعية ملتزمة وعاطفية ، فهو يحافظ على إيمانه في الرواية التي ستبدو حقيقية بقدر ماتحتوي على التجريد ، ويأتي ذلك من اهتمامه بالقضايا الجمالية والفلسفية ، إذ تدور روايته الجديدة حول حياة الرسام التجريدي ( كيفن بيس ) الذي يبلغ من العمر 56 عاماً ، وهو رسام مشهور ورب عائلة يعشق باريس واللغة الفرنسية ، ولديه أفكاره الثابتة فيما يخص نطق اللغة فهو لايتخلى عن لكنته الافريقية التي يعتز بها ..

تنقسم رواية ( كل هذه الزرقة ) الى ثلاثة أجزاء متشابكة تتناول ثلاث فترات منفصلة من حياة كيفن بيس ..يحمل الجزء الأول عنوان ( في المنزل ) وتجري أحداثه في نيو انغلاند في عام 2011 ، ويحمل الجزء الثاني عنوان ( باريس ) والذي تدور أحداثه قبل عشر سنوات ، أما الجزء الثالث فيحمل عنوان ( 1979) وتدور أحداثه في السلفادور ..وتكشف هذه العناوين عن المحتوى التجريدي للرواية كما حدث مع رواياته السابقة التي تحمل عناوين مثل ( اندثار) ، (الصورة الرمزية) ، ( صعود الى الجحيم) وأخيراً (كل هذه الزرقة) التي يقول عنها الراوي إن فيها الكثير من قسوة التجريد ..

تتجسد هذه القسوة خصوصاً في شعور البطل بالوحشية في أفظع صورها لدى سفره الى السلفادور لأن الأمر يتعلق برجل أسود يسافر في قلب الظلام ويجد نفسه في الغابة السلفادورية خلال الحرب الأهلية بهدف العثور على رجل أبيض مفقود ...وعلى الرغم من الظلمة التي تكتنف الرواية فأن اللون السائد فيها هو اللون الأزرق وهو اللون الذي يروق للمؤلف استخدامه في أدق الأشياء ..السيارة الزرقاء التي استأجرها في السلفادور ، وملابس فيكتوريا – عشيقة كيفن الشابة – المتكونة من معطف أزرق تتخلله غيوم بيض ، وأيضاً الجوارب الزرقاء للجندي فضلاً عن الفراغ الذي يتأمله البطل من نافذته ..يقول كيفن :" انظر من خلال نافذتي فيطالعني الامتداد الفارغ الأزرق " .ويمثل هذا اللون بالنسبة للراوي والمؤلف بالتالي اللانهاية والكمال والموت ، وعندما سُئل بيرسفال ايفريت عما يعنيه له اللون الأزرق ، أجاب بإيجاز :" إنه الأزرق !"

يبدو إذن أن هذا اللون يحمل لدى المؤلف معنى صوفياً لوجوده الجميل وقيمته الثابتة في الرواية لدرجة أن اللوحة التي ترسمها زوجة البطل تحمل عنوان ( كل هذه الزرقة ) وتعكس حدوداً لامتناهية ولدى رؤيتها يهتف كيفن قائلاً :" إنها مثالية ..هذه اللوحة ليست تقليداً ولاتمثيلاً ..إنها مثالية بالفعل " ويقول ايفريت أيضاً على لسان بطله :" المطلق لايمكن وصفه ، واللون الأزرق هو المطلق لأنه مليء بالأسرار ..تلك الأسرار التي لابد من وجودها في حياتنا لأنها تجعل منها حياة مهمة "...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

انتقائية باختين والثقافة الشعبية
عام

انتقائية باختين والثقافة الشعبية

د. نادية هناوي يُعدُّ ميخائيل باختين واحدا من النقاد الغربيين المهتمين بدراسة السرد الأوروبي الشعبي، لكنه في كتابه (أعمال فرانسوا رابليه والثقافة الشعبية في العصر الوسيط وأبان عصر النهضة) يعد الأول الذي خص أعمال...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram