علي حسين
لا أعرف عدد المرات التي قرأت فيها رواية الفرنسي هنري باربوس "الجحيم"، قارئًا ومتمعنًا في الدروس والعبر التي تقدمها لنا هذه الرواية الصغيرة الحجم، لكاتب كان يمنّي النفس في أن يصبح ثائرًا على غرار لينين، فقرر أن يذهب إلى الاتحاد السوفيتي، وبدلًا من أن يعود ثائرًا، رجع الى فرنسا وهو يحمل مرض السل الذي قضى على حياته عام 1935.
كنت في كل مرة أقرأ رواية باربوس أسأل نفسي من هو هذا الكاتب ؟ : هل هو الشيوعي الملتزم ، أم العدمي الذي أوحت روايته " الجحيم لكولن ويلسون بأن يكتب كتابه الشهير "اللامنتمي" ، أم المناضل السياسي الذي دافع بشراسة عن الحريات؟ .
في روايته الجحيم نحن أمام بطل بلا اسم ولا هوية يدخل إلى قاعة استقبال في فندق ، يطلب غرفة للإيجار. يصعد. يضع أشياءه على السرير. يرتبها. ولا شيء آخر لديه ليفعله. لكن هناك أصوات تأتي من خلف الجدار. هناك بشر آخرون إذًا. يوجد ثقب صغير في جدار غرفته يستطيع من خلاله مراقبة الآخرين. يدفعه الفضول. يحيا في الظلام. يريد المعرفة. يصبح تدريجيًا مهووسًا بمعرفة ما يجري خارج غرفته . من أولئك البشر؟ ما الذي أتى بهم إلى هنا؟ ما ظروفهم؟ .
تذكرت باربوس قبل أيام وأنا أقرأ كتابًا صدر حديثًا له بعنوان "العض على السكين.. إلى المثقفين" يوجه فيه رسالة شديدة الأهمية يقول فيها: المثقفون – أتحدث عن أولئك الذين يفكرون، وليس عن مهرجين ودجالين وطفيليين ومنتفعين – عن المثقفين الذين هم المعبرون عن الفكرة في فوضى الحياة، تكمن مهمتهم الأزلية في ترسيخ الحقيقة وتنظيمها، هم الذين يسمون الأشياء بأسمائها. وفي نظرهم الحقيقة تفصح عن نفسها، ونتظم نفسها وتنمو" .
أرجو من جنابك ألاّ تسخر من سذاجتي وتقول "يا رجل"، تتحدث عن الروايات في الوقت الذي ينتظر العالم سقوط أمريكا تحت صرخات المحتجين، ولكننا ياعزيزي في هذه البلاد، قتل منا أكثر من 800 متظاهر دون أن يخرج علينا النائب حسن سالم او اي نائب آخر ، ليحتج أو يطالب بمحاسبة القتلة ، مثلما يطالب الأن بمحاسبة ترامب لأنه كان وراء مقتل مواطن أمريكي.. تخيل جنابك نائب عراقي يصرخ: أين الديمقراطية الامريكية ؟ ، في الوقت الذي يتعوذ بالشيطان عندما تذكر الديمقراطية داخل مجلس النواب العراقي.
حاول سارتر ، أن يعطي تعريفًا للمثقف قائلا : المثقف هو الشخص الذي يتدخل في ما لا يعنيه، ويمتلك القدرة على الجهر بالحقيقة"،. وهو ما يدفعنا للسؤال: ما هو دور المثقف في مجتمعنا الذي ينزعج من المثقفين الحقيقيين؟ لانهم لا يحفظون قصائد حسن السنيد!!.
جميع التعليقات 1
محمد
أرجو المزيد من المقالات في هذه الروايةحقا أنها ممتعة