TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: العراقية وتظاهرات امريكا

العمود الثامن: العراقية وتظاهرات امريكا

نشر في: 2 يونيو, 2020: 09:47 م

 علي حسين

ليس لي رأي فيما تقدمه قناة العراقية، لأنني لست من هواة التلفزيون إلا ما ندر . لكن الذي أثار فضولي هو الهمة والنشاط الذي تلبس قناة العراقية وهي تنقل للمشاهد العراقي المحاصر في منزله أخبار وتقارير عن تظاهرات أمريكا.

وقبل أن يسألني أحد: أليست مهمة الفضائيات نقل ما يجري في العالم؟.. أقول، كان بين تظاهرات ساحة التحرير ومقر قناة العراقية جسر السنك فقط، لكنها فضلت أن لا تعبره، وغطت احتجاجات العراقيين من خلال برنامج "مطبخ العراقية"، فاستبدلت مشكورة مناظر قنابل الغاز، وهي تخترق رؤوس المتظاهرين، بمشاهد عن كيفية إعداد البرياني.. و الأن دعوني أسأل: كيف يمكن لقناة محلية أن تقنع مواطنًا عراقيًا بأنها تدافع عن حق الشعوب في الاحتجاج، وأنها تناصر الحرية والديمقراطية، وأنها تقدم للشعب العراقي كل ما هو جديد، في الوقت الذي ترفع شعار لا أسمع لا أرى لا أتكلم أمام تظاهرات العراقيين في بغداد والمحافظات؟.

لعل المراقب لأداء قناة العراقية، سيصاب باليأس ويخرج بانطباع مرير بأن الحكومة لا تسعى لبناء إعلام عراقي حقيقي، ولا يهمها أمر الثقافة والفنون في شيء. فالفنانون لا يزالون يأملون أن تلبي قناة العراقية حاجة حيوية في المجتمع العراقي وأن تتمكن من اختراق العقبات والحواجز لتصل إلى المواطن وتقيم معه علاقة تفاعل صادقة، وقد يكون من المضحك أن يواجه المواطن نفسه بالسؤال: ما الذي قدمته قناة العراقية؟ للأسف البعض سيضع أصابعه في أذنيه حين تعلو الأصوات مطالبة بأن تكون القناة ناطقة بلسان كل العراقيين، وأن لا تحسب على جهة سياسية د، لكن للأسف، فوحوش المحسوبية والمحاصصة الطائفية دائمًا ما تجهض أحلام الناس. إن ما حدث ويحدث في قطاعات كثيرة يكشف بالدليل القاطع أننا أمام مسؤولين يمارسون جهلًا تامًا بقواعد الإعلام الحر.

عندما انتهى عصر تلفزيون الحملة الإيمانية عام 2003 استبشر العراقيون خيرًا بأن ساعة فطام الشعب قد حانت، وأننا أخيرًا سنلتحق بركب الدول التي بلغت سن الرشد وتجاوزنا نزق الإرشاد والتوجيه، إلى مرحلة من النضج يكون فيها القانون والشفافية والنزاهة هي إعلام المواطن وليس مقرات الأحزاب، لكن سياسيينا لم يستطيعوا مع العقل والنضج صبرًا وأعادوا أنظمة تهذيب المواطن وإرشاده إلى الخدمة. لعل السؤال الأهم: إلى متى ستظل قناة العراقية تتحفنا بهذه الفقرات الكوميدية المثيرة، وتضفي على حياتنا طابعًا فكاهيًا ساخرًا؟ خلاصة الأمر أن هناك في الحكومة من لا يريد لهذه المهزلة أن تتوقف، ومنهم من لا يريد لدولة المواطنة أي أثر .

كل ما سبق ليس نقدًا. إنه مجرد مناشدة لقناة فضائية نتمنى عليها تغيير زاوية الكاميرا من واشنطن إلى ساحة التحرير. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram