محمد حمدي
أكبر مشاكل اتحاد الكرة السابق تكمن في كثرة التصريحات للإعلام من عدّة مصادر الى درجة غاب معها الناطق الإعلامي المركزي وتلاشت آلية التعامل معه، وقد تسبّبت كثرة التصريحات وتنوّع مصادرها بين لجان الاتحاد والأعضاء عن غياب الحقيقة والتعتيم على الأخبار وفقدان مصداقيتها حيث لم يعد لدى المتلقي ما يحمله الى الاعتقاد بمصداقية هذا أو ضبابية ذاك،
ولنا أمثلة كثيرة جداً في هذا الاتجاه وبصورة خاصة ما يتعلّق بإعداد منتخبنا الوطني ومبارياته التجريبية وتغيير المدربين وصولاً الى المحاكم والقضايا المفصلية التي أطاحت بالاتحاد في النهاية ، ومن الممكن القول إن هذه التصريحات واعتماد التشويش ليست محدّدة باتحاد الكرة فقط، بل تتعداه الى الاتحادات الاخرى واللجنتين الأولمبية والبارالمبية مع أن اللعبة الشعبية الأولى في العراق كرة القدم كانت صاحبة الحصة الأكبر من الأهمية والمتابعة وتسليط الأضواء.
ومع ذلك فإن هذه الحالة الشاذة يجب أن نقرّ بأنها استهوت وسائل الإعلام بمختلف أصنافها وشكّلت لها مادّة يومية دسمة للانفراد بها أو إجراء حوارات مع المسؤولين والمدربين ورؤساء اللجان، وأخذت هذه الوسائل بالتفنّن في إغراء المسؤول الرياضي وانجراره الى المصيدة بتقويله معلومات غير حقيقية أو سحب كل صغيرة وكبيرة من طاولة المشاورات في الاتحاد وتحويل المقترح الى فعل والنية الى قرار نهائي، واليوم أوشكنا أن نمرّ بذات السيناريو مع الهيئة التطبيعية لاتحاد كرة القدم برئاسة إياد بنيان، ولكن حظر التجوال المتكرّر وتوقف الانشطة قد أسهم الى حدود بعيدة في خفض نسبة التصريحات والتداول الإعلامي لأنشطة الهيئة، يضاف الى ذلك كثرة التحذيرات التي وصلت الى أعضائها بتوخّي الحذر والمركزية في أي تصريح أو ظهور إعلامي وهذه حالة جيدة بطبيعة الحال، مع ذلك فإن القضية الأبرز اليوم هي انطلاق دوري الكرة للموسم الحالي مجدّداً حيث لم يثمر الاجتماع الأول لممثلي الأندية عن حالة وئام بين الطرفين وها نحن اليوم على اعتاب الاجتماع الثاني المقبل الذي يبدو أنه سيكون مغايراً بعد أن لمستْ إدارات الأندية بأن الأنزواء ليس هو الحل أو البداية لجسّ نبض الهيئة عن طريق الضغط ، لذلك فإن الاجتماع المقبل سيكون مهما للغاية والأهم من ذلك أن الأندية تمارس ضغوطها إعلامياً لاستفزاز الهيئة برمّتها لاستخراج تصريحات متضاربة عن جدوى إقامة الدوري وعبثية الوصول الى طريقة معقولة ترضي جميع الأطراف.
إن ما يحصل اليوم وخلال الاسبوع المقبل يستحق أن نطلق عليه الاختبار الإداري الحقيقي للأزمات واحتوائها وفيما لو قدّر للهيئة التطبيعية النجاح بذلك فإنها ستخط طريقها الجديد للنجاح بقوة إرادة وشخصية تحتّم عليها إنهاء ملفات كثيرة جداً تنتظرها حتى موعد الانتخابات المقبل الذي نعتقد جازمين بأنه سيطول كثيراً الى أبعد من الشهور الستة المقترحة.
لا نختلف على أن دوري الكرة المحلي وعمل اللجان الخاصة في الاتحاد هي الملفات الأهم، ولكن يبقى تطبيع واقع الكرة العراقية باستئناف دوري الفئات العمرية وقانون الاحتراف ووضع حدود قاطعة لاستحقاقات المنتخب الوطني وإعداده على أكمل وجه بوضع آلية صريحة شفافة لها اعتبارات هي الأخرى كون المشهد اليوم لا يعفي الهيئة التطبيعية أن تكون مؤقتة من مزاولة عملها على أكمل وجه بما يثبت لجماهيرنا الرياضية أن أخطاء وتخبّطات تشكيلات الاتحادات الماضية لن تعود مرة أخرى وقد ظهرت عيوبها وشخّصت بعناية.