علي حسين
دائما أُصاب بالوجوم حين أقرأ أو استمع لتصريحات بعض السياسيين، ولكن بالأمس انتابتني موجة من الضحك ، وأنا أشاهد السيد نوري المالكي يسعى لتشكيل حكومة ظل، وهي الحكومة التي يقتضي أن يكون السيد نوري المالكي فيها موصوفًا بأنه "رئيس وزراء الظل".
يعرف مصطلح "حكومة الظل" بأنه عبارة عن حكومة غير رسمية تضم أعضاء من الأحزاب المعارضة، وتعمل على توجيه النقد للحكومة الحالية، وتوفير منظور مختلف للسياسات التي تنفذها الحكومة الفعلية .
في الخمسينيات من القرن الماضي أصبحت حكومة الظل جزءًا أساسيًا من العملية السياسية في بريطانيا.. ولأننا عشنا مع "أبو ناجي" –كنية الإنكليز عند العراقيين - ، كان لا بد من أن نستلهم تجربتهم الديمقراطية، ونذهب بالوزراء والمحافظين والسفراء ليؤدوا قسمًا ثانيًا أمام رئيس ائتلاف دولة القانون، تحت شعار "بيتنا ونلعب بيه".
حين شاهدت صور الوزراء وهم يتقاطرون على السيد المالكي وبعدهم الاجتماع مع المحافظين ، اكتشفت أننا نعيش مع سياسيين لطفاء للغاية لا يعجبهم القول بأن المعارضة البرلمانية عندنا عرجاء، وضد الطبيعة البشرية، كونها جاءت خالية من الكولسترول، بعد عملية إبادة جماعية نفذتها أحزاب المصالح الخاصة والمحاصصة الطائفية.
من باب الفانتازيا السياسية أن يذهب أحدهم إلى أن البرلمان ستعارض الحكومة من خلال حكومة ظل ، ومن باب الشيزوفرينيا أن يحاول البعض إقناعنا بأن هذه المعارضة ستشكل كيانًا سياسيًا ضاغطًا، مثلما يحصل هناك في بريطانيا بلاد "أبو ناجي" ، حيث ظهر رئيس حكومة الظل ورئيس حزب العمال كير ستارمر وهو يلقي خطابًا حول الأحداث في بريطانيا بسبب أزمة كورونا، والغريب أن المستر ستارمر لم يجلس في صالة كبيرة وحوله الوزراء، وإنما ظهر وهو يستند بظهره على خزانة ملابس بيضاء وهو يستعير من ونستون تشرشل هذه الجملة المثيرة: "إنّ بريطانيا الجديدة هي الدولة التي نقاتل من أجلها".
عندما أيقنت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أن مصالح بلادها تقتضي وجود رئيس وزراء جديد، سارعت إلى تقديم استقالتها، لم تطلب ولاية جديدة، ولا حذّرت من حرب أهلية، ولم تصدر اوامر بضرب المتظاهرين بالرصاص الحي ، ولم تتمسك بالمنصب رافعة شعار من الكرسي إلى القبر.. فقط اكتفت بأن قالت إنها سعيدة لأنها قدمت خدمة لبلدها، وإنها فخورة بالديمقراطية البريطانية.
اتفقت جميع القوى المعارضة في العالم على أن تعارض داخل البرلمان، او في ساحات الاحتجاج ، فأحزاب المعارضة في الدول الديمقراطية لا تشارك في الحكومة ولا تبحث عن استحقاقها في الهيئات المستقلة وليس لها أحباب تريد أن تجعل منهم مدراء عامّين، ، ولا تصرخ في الفضائيات تطالب بإسقاط الحكومة، وبالليل تتسامر معها لإحصاء المنافع والامتيازات.