علي حسين
بين الحين والآخر أُعيد قراءة أعمال الساخر محمود السعدني . كاتب واجه الظلم والفقر والاستبداد بالنكتة، وحاول أن يُضحك القارئ البسيط من المأساة التي تحاصره، يتحدث بلسان البسطاء ويطرح آراءهم بالأحزاب الحاكمة والمعارضة، والأحزاب التي تريد أن تحوّل هموم الناس إلى مشاريع استثمارية.
ربما البعض يقرأ هذه السطور وهو يهزّ يده ويقول في سرّه، ماله هذا الكاتب هل يعاني من حالة فقر في الدم والموضوعات، حتى يريد أن يستعرض علينا ما قرأه؟.
لكنني ياسادة أراوح كل يوم في محيط ساسة العراق "الأفاضل"، وأتوهّم أنهم في طريقهم للتوبة إلى الله بعد كل ما فعلوه بالبلاد والعباد، وإذا بي أكتشف أنّ معظمهم يعتقد أنّ الانتهازية والكذب وسرقة أموال الشعب من ضرورات الديمقراطية الجديدة!، تصوّروا أنّ الإعلام بكلّ طوائفه سخر من النائب مطشر السامرائي يوم اعتبر الشعب العراقي "دايح"، لكنه، وهذا هو المهم، حصل في النهاية على راتب تقاعدي وعدد من العقود والمقاولات. الآن عرفتم لماذا أعود لقراءة محمود السعدني الذي يخبرنا في كتابه الممتع "الولد الشقي" أنّ "المسؤول يصرّ على أن يعيش المواطن في العصر الحميري أغلب حياته، في ظل الخديعة، ويعيش في انتظار السياسي الملهم، الذي بسببه تتحول الديمقراطية إلى نكتة، ويُسحق المواطن المسكين تحت الأقدام"؟.
تقول فصول الكوميديا العراقية المبتلاة بمشاهد سوداء إن المجاهد وعد القدو شقيق النائب حنين القدو يريد تحويل سهل نينوى إلى مقاطعة خاصة بسيادته، من خلال الاستيلاء على أملاك المسيحيين في السهل، والسيد القدو يؤكد أنه لن يترك الساحة قبل أن يصبح واحدًا من أثرياء ألمانيا.
سيتهمني البعض، حتمًا، بأنني أسعى لإشاعة حالة من الاكتئاب عند القراء، وأنني مصرّ على أن أجعل من كلماتي مدخلًا للتأكيد على أن السياسيين والحكومة هما سبب غياب التفاؤل والبهجة من حياتنا، وأنني أترصد حركات وغمزات النواب لأسخر منهم.
لقد قيل كلام كثير عن البحبوحة التي سنعيش فيها، بعد أن هدى الله نوابنا إلى العودة الى البرلمان وتقبيل وجنات بعضهم البعض والتلويح بعلامة النصر وقالوا لنا إن حكمة الحلبوسي ومثابرة البرلمان جعلتنا في مقدمة الدول التي تحترم مواطنيها
أعتقد أننا يجب أن نضحك من اللامعقول الذي يحكم حياتنا التي تحفل بمضحكات عديدة، والتي كان آخرها مسرحية مؤلمة كان ضحيتها ملايين المواطنين الفقراء الذين طلب منهم أن يدفعوا ثمن سرقات سبعة عشر عامًا لثروة العراق.
بعد احاديث صاخبة عن محاربة الفساد والقضاء عليه في عقر داره يجد المواطن المسكين نفسه محاصرا بكورونا ، ومعها وأوليات الحكومة: استقطاع رواتب المتقاعدين، من دون أن تدري أنه ثمة وطن من المعوزين ينمو كل يوم على مدى العراق.