علي حسين
هل شاهدت مثلي الممثل البارع عدنان الأسدي، وهو يصرخ ويولول على مسرح البرلمان من أجل الفقراء والمعوزين؟ هل سمعت ما قاله من وصلة كوميدية عن النزاهة والحفاظ على أموال الفقراء؟ .
سأطلب منكم أن تضحكوا قليلًا، وتتركوا "أبو الطيب المتنبي" منشغلًا بالحديث عن نكد الكورونا . يريد السادة أن يخبرونا أن الإمبريالية العالمية سرقت أموال النفط، وأن الماسونية كانت تقف وراء ضياع مئات المليارات على مشاريع وهمية، فالسياسة مثلما يقول النائب عدنان الأسدي تعني اللعب على أكثر من حبل.. تخيل جنابك موظف في الصحة يسيطر على وزارة الداخلية لمدة عشر سنوات في أصعب امتحان أمني مر به العراق منذ عام 2004 حتى عام 2014 ، في هذه السنوات العشر صرف على وزارة الداخلية عشرات المليارات من الدولارات، وكلما زادت ميزانية الوزارة، ودخل ريعها جيوب الاحباب والاقارب ، كلما ارتفع مؤشر ضحايا الفشل الأمني ، الذي كان ماركة مسجلة باسم عدنان الأسدي.
أهم القواعد التي تقوم عليها الدولة الديمقراطية - لا دولة القانون - هي قاعدة المساءلة للحاكم، إذا تدهورت حالة الخدمات، أتمنى أن تنتبه معي، أقصد الخدمات وليس الأمن، فإن الحكومة تقدم اعتذارًا مكتوبًا ومصورًا ثم يذهب أعضاؤها إلى بيوتهم، أما إذا اختفت طفلة في ظروف غامضة فإن على وزير الداخلية ان يقدم استقالته مكتوبة ومصورة ، أما في الدولة التي تسلم وزارة الداخلية إلى "معاون صحي"، فإن القتل على الهوية والتهجير لا يعنيان شيئًا، في الأنظمة "الإمبريالية" تقوم البلاد ولا تقعد لأن مواطنًا أسود تعرض للعنف وقتل على يد شرطي، لنجد المواطنون البيض يرفعون لافتات تقول "حياة السود مهمة"، بينما أصر زعيم ائتلاف دولة القانون على أن يصف متظاهري 2011 ، بأنهم مجموعة "فقاعات".
يقدم لنا المرحوم شكسبير في "تراجيدياته"، صورة الحاكم المصاب بمرض جنون الكرسي. وكيف تختصر البلاد والبشر بكلمة من أربعة حروف "كرسي" والباقي مجرد كومبارس مهمتهم الهتاف لمن يجلس على عرش السلطة.. أو في أسوأ الحالات ينطبق عليهم قول مكبث: "كلكم فقاعات.. وهذا سيفي كفيل باختفائكم".
لن نجد مسؤولًا عراقيًا يحال على القضاء بتهمة نهب أموال الدولة وتحويل الوزارة إلى إقطاعية خاصة له ولعائلته.
كم هو محزن ما يحدث في العراق، إذا حدثك أحد عن القانون في بلاد الكفار خامرك شعور بالأسى. وإذا حدثك عن القانون في بلاد حمورابي لم تستطع أن تضبط ضحكتك التي وصفها المتنبي بأنها أشبه بالبكاء.
ما الذي سيتغير اليوم ما لم نغيّر وجوه الأمس؟ عن ماذا يتحدث عدنان الأسدي بكل ثقة؟ عن المأساة التي عشناها أيام سيطرته على وزارة الداخلية؟.