اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: الحياة خارج حقيقتها

قناطر: الحياة خارج حقيقتها

نشر في: 13 يونيو, 2020: 05:34 م

 طالب عبد العزيز

لا يمكن لحياة، أيّ حياة أن تستقيم بالكذب والتدليس والنفاق، ولن تقوم لها قائمة في النفع والانتفاع المتبادلين ما لم تبنَ على أساس جملة الحقائق فيها، ويؤسفني أن أقول: إننا نحن العراقيين أبعد ما نكون عن الاعتراف وقول الحقيقة، فحياتنا مبهمة وملغزة جداً، ولا أسيء لأحد هنا،

إذا ما علمنا بأن نظامنا الديني- القبلي- الأخلاقي أسهم بشكل فاعل في خلق منظومة تفكيرنا وأقوالنا ومواقفنا أيضاً، وأنَّ آلية الكذب والتدليس والنفاق ربما كانت قوام حياة أهلينا التي ورثناها من قبل، والتي لا يمكن لهم استخلاصها (الحياة) إلا عبر المنظومة الشائنة هذه. 

يقول أحد الباحثين في التاريخ العربي الإسلامي بان مفردة (نفاق) لم تكن متداولة في مجتمع مكة قبل الإسلام، أبعد من استعمالها في نفوق (هلاك) الحيوانات، ذلك لأن الإنسان في المجتمع المكي كان واضحاً في تعاملاته اليومية مع بعضه، فهو يحب أو يكره، يقبل أو يرفض، يستر أو يكشف، يهب أو يمنع ...لأنه كان منسجماً مع محيطه. وبحسب باحث آخر فأن أول ظهور لمفردة النفاق في القرآن كان في المدينة، حيث نزلت بحق بعض الذين آمنوا في الظاهر وظلوا على كفرهم في الباطن، رهبة من سيوف المسلمين، وهو يجعلها بذرة النفاق الأولى، لذلك لا يمكن لنا أن نلقي باللائمة على مجتمعنا هنا دون أن نشير الى الظاهرة الغائرة في التاريخ، والمسحوبة منه. ولا نريد إلا أن نذكر بواقع حياتنا في فترة حكم النظام السابق، ونصف أحوالنا في ما كنا نظهره ونبطنه من حب وكره، من قبول ورفض، من كشف وستر في انتمائنا للنظام ورأسه، تفادياً للموت وطمعا في حياة أكثر دعة وطمأنينة. 

في الصغر يجبرك والدك على احترام رجل الدين أو شيخ العشيرة، ويجبرك على تقبيل يده، ويأمرك بتقبيل أيدي أعمامك وأخوالك أيضاً، وأنت لا تعرف شيئاً عن استحقاقهم الاجتماعي الذي أفضى بك الى إحترامهم وتقبيل أيديهم، لكنك ودونما شعور منك تكون قدمُك قد وَضَعَتْ أولَ خطواتها على طريق النفاق والكذب والتدليس، حتى إذا صرت رجلاً عاقلاً وجدت الناس كلهم على خطوك، يحترمون ويقبلون ويكيلون المديح لهذا وذاك، حيث لا تنفع معك ساعتئذ محاولات التخلص من صنميتهم، لأنك ستصبح مطروداً من مملكة الذل والهوان التي وضعوك فيها، والتي لن تجد لحياتك معنى خارجها، اللهم إلا هربت في أرض الله الواسعة.

ربما نستثني واحداً أو أثنين، لكننا لم نسمع بين رجالنا، من وقف صُلباً في مسجد وأوقف خطيباً عن الكلام في مسألة كالطائفية، كذلك لم نسمع من أحدٍ كلمة حق قيلت بوجه نائب مرشح في ساحة عامة، في وقت راحت كلمات المديح فيه تكال له وتثني عليه. هل نحصي عدد الذين يعرفونه عن قرب، ومن هم على يقين من تزويره وكذبه وسابقته في السوء، ومثل هذه وتلك، يمكننا تسطيرها هنا عن المقاول الأمين، والأستاذ الكبير، والشيخ ابن الشيخ، ورجل الدين التقي... الخ. ما لم يبنَ إنساننا على التجرد من منظومة النفاق والتدليس والكذب هذه لن تقوم لنا قائمة. نحن أمة بحاجة الى مكاشفات حقيقية كبرى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram