علي حسين
ماذا فعلت مجالس المحافظات في الوطن؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال الذي يحيّر ملايين العراقيين، اسمحوا لي أن أنقل لكم عبارة مثيرة و"عظيمة" قالها ثلاثة من أعضاء مجالس المحافظات وهم يقفون امس داخل بناية المحكمة الاتحادية يزفون البشرى للعراقيين بأنهم عائدون إلى مناصبهم "فالقادم خير"
كما يقول أحد الذين ظهروا في الفيديو المثير الذي يختتمه أصحابه بعبارة مضحكة "يمضون ونبقى" مع رفع شارات النصر.. أما من الذي سيمضي ؟ فبالتأكيد هو الشعب الذي تظاهر ضد وجود مجالس محافظات منتهية الصلاحية لا تصلح للاستخدام البشري.
كان الناس يتطلعون "لتشييع" الوجوه الكالحة لبعض أعضاء مجالس المحافظات إلى مثواها الأخير، وأن يهدي الله الكتل السياسية والحكومة المركزية إلى اختيار مسؤولين يدافعون عن الناس وليس عن مصالحهم الخاصة، ويحتمون بالحصانة الوظيفية ضد الفساد، لا أن يستثمروها في الرقص مع الفساد، يلبس بعضهم عباءة الفضيلة ليداري الرذيلة، ولكنّ روائح فسادهم الكريهة ملأت أروقة مؤسسات الدولة، وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحوّل بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس البسطاء، محافظين ورؤساء مجالس محافظات يحتمون بالمناصب والوجاهة الاجتماعية والسطو.
"الأداء من سيئ إلى أسوأ" تلك هي الشعارات التي رفعها المتظاهرون في معظم محافظات العراق، شكوى الناس من الأداء الحكومي الذي كانت أبرز ملامحه البيروقراطية القاتلة، وانتشار الفساد المالي والإداري وتفشي الرشوة والمحسوبية. إن كثيرًا من مشاكل المواطن اليومية تكمن في الخلل الذي يعاني منه الجهاز الحكومي بأكمله والذي أنتج أداءً حكوميًا فاشلًا. لا أريد أن أفرط في ذكر الأمثلة، ولكن لابد أن نكون صريحين ونعترف بأن معظم مجالس المحافظات لم تؤد دورها الحقيقي في خدمة مواطنيها وانشغلت بأمور لا تخص عمل الدولة، بل إن قنوات تواصل حية بين هذه المجالس والناس مفقودة أو غير موجودة أصلًا. لنأخذ مثلا موضوع الخدمات، فقد رصدت ميزانيات ضخمة لمعالجة هذه المشكلة ولم يشعر المواطن بتحسن، وملفات الفساد التي تعشش في دوائر المحافظات، والقائمة تطول لمجالس محافظات أصبحت أشبه "بخيال مآته" بالنسبة للمواطن، لكنها في الوقت نفسه تحولت إلى "مقاطعة" سجلت "طابو" باسم المحافظ ورئيس مجلس المحافظة، والمحسوبين عليهم.
لو كنا اسسنا لنظام مجالس محافظات عادل ، لما كنا الآن في عصر الخراب . لربما كنا مثل الأمم التي وضعت التخلف وراء ظهرها واختارت العقل والعلم الحياة. نحن نمضي في اختيار الفشل الظلام والجهل ، الذي حول مدن العراق الى خرائب
ما شاهدناه في الفديو ينذر بخطر ، فيما اذا قررت المحكمة الاتحادية اعادت مجالس المحافظات الى عملها ، لان المطلوب هو اتخاذ إجراءات قضائية ضد مجالس المحافظات لانها اعادت البلاد الى عصور الظلام