عمــار ســاطع
من غير المعقول أبداً أن يستمر هذا الهراء الذي نتابعه بين الحين والحين على الشاشة الصغيرة أو حتى في مواقع التواصل الاجتماعي لصحفيين ينتمون لمهنة المتاعب.. مثلما ليس من المنطقي أيضاً أن تستمر الإساءات وتتوالى التجاوزات دون أن يكون هناك رادعٌ للمسيئين!
وبما إننا اليوم، وفي خضم احتفالات الأسرة الصحفية بعيدها الوطني الـ 151 لتأسيس أول صحيفة عراقية، بصدور صحيفة الزوراء، فأن الواجب المهني والمنطقي يفرضان علينا اليوم، أكثر من أي وقتٍ مضى، أن نخوض في وقائع أحدثت ارباكاً في ساحة المهنية والمسؤولية وحرية الرأي!
اليوم ونحن نعيش في ثورة التطور التكنولوجي وعلم الاتصالات وفي فترة الانفتاح غير المسبوق على دُنيا الصحافة الالكترونية وهيمنة مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقاته على مسرح الأحداث، تظهر لدينا فئة تُخالف المنطق بطريقة التحولات الاستثنائية التي تدق ناقوس الخطر لقادمٍ ملؤه الاساءة وصناعة الابتزاز وضرب المصالح!
أيها السادة.. البعض من المسيئين يربكون صفاء الأجواء وينصبون أنفسهم أولياء على صحافتنا ويجعلون من أنفسهم أوصياء على صاحبة الجلالة ويهددون علناً بلا حياء من يخالفهم الرأي أو وجهات نظرهم الضيقة أو يريد أن يصحح مسارهم بنقدٍ بَناءّ!
مجاميع تنتشر على الفضائيات وتكتب في صفحات التواصل الاجتماعي أو من يحركون أصوات في تطبيقات الهواتف المحمولة عبر تأسيس (كروبات) بعضها يهدف الى خلق الأزمات والاحتقانات وتشتيت الأفكار والطروحات السليمة والتأسيس لمرحلة تزيد من خلالها التوترات بين الأطراف وبث الإشاعات والتفريق بين جهة وأخرى!
منذ مدة طويلة وصحافتنا الرياضية تواجه ازمات بسبب الانتهاكات الصارخة التي تعيشها، نتيجة الافتقار الى المنطق الذي يحكمنا ويجعل بين المتواجدين حدوداً بين المنتمين الى هذا العالم الجميل المليء بالاسماء المعروفة من نقاد واكاديميين وكتاب واعلاميين وصحفيين.!
اننا اليوم نقف امام حقيقة ضرورة ايجاد علاجات جذرية وواعية يفترض ان تتخذ من الجهات العليا المسؤولة عن الصحافة العراقية بعد ان وصل الامر الى مرحلة السب والشتم والتهديد والوعيد والتنكيل والتشهير من اولئك الذين يعيشون في ابراج عاجية ولا يؤمنون بلغة الحوار واحترام الراي والراي الاخر!
الانفلات الذي يهيمن على الساحة الصحفية والاعلامية في العديد من الجوانب والمواقع، لم ياتي اعتباطاً، بل جاء نتيجة الاخطاء التي تراكمت ولم تُعالج، وتفاقمت لانها لم تجد من يناقشها بحرفية واعتدال، وتضاعفت الى ان وصل الى حدود اللا معقول, وباتت تشكل اليوم الخطر الذي يهدد مسيرة تأريخية كبيرة لقامات ورموز كان لهم الدور الاكبر في تأسيس صحافة رياضية رصينة عرفت المنهج والاسلوب الامثل في كيفية تناول القضايا والمواضيع باحترافية ومهنية وحيادية!
لقد عكس الواقع الصحفي والاعلامي الرياضي، في الكثير من الأحيان، تدنّياً فاضحاً نتيجة المهاترات والبرامج التي أظهرت إساءات بالغة وتطرقها لمواضيع زادت الطين بلة وكان هدفاً هداماً بشكل أو بآخر، فيما كانت طريقة عرض البرامج وأسلوب إيصال المعلومة للمتلقي، وحدها كفيلة بإشعال فتيل أزمات لم نكن بحاجة اليها في الفترة الراهنة، مثلما كان التركيز على الانتقاض من هذه الجهة أو تلك ديدناً لبرامج عرضت ومواضيع نشرت!
إننا اليوم نشاهد قنوات فضائية غير توعوية، وإدارات تُشجع على الإثارة والتشهير لجلب الأنظار، وهو ما يدفعنا الى المطالبة بضرورة إيجاد حلول سريعة ومعالجات أبرزها البحث في ورقة ميثاق الشرف للعملين الصحفي والإعلامي الرياضيين، شريطة أن يكون فيه محددات، وخطوط حمر لا يمكن أن نتجاوزها، لإبعاد المتصيدين بالماء العكر من أولئك الداعمين لبث الإشاعات أو الذين يهدفون الى الابتزاز والترويج للبعض وليّ أذرع المسؤولين الرياضيين الذين يملكون ملفات ويدعمون برامج على حساب أخرى!
لقد اختفى النقد الحقيقي والنصح عن قنواتنا الفضائية وصحفنا الرياضية، بشكل كبير، وأضحى التسقيط شعاراً والتهجم عنواناً، في بعض من البرامج والمواضيع؟!.. قد يكون الجواب مختلفاً من شخص الى آخر، ومن متلقٍ الى آخر، ومن متابع الى آخر، لكن الحقيقة تتمثل بذلك الهبوط الحاد في أخلاقيات العمل والمهنة التي دخلها الدخلاء والطارئون من الذين عمدوا الى الانتماء لجهة ما وكتلة ما وطرف ما على حساب قول الحقيقة التي غابت وهي حاضرة وأغفل حقها وهي موجودة!
إن تفشي ظاهرة الاساءة جاءت لافتقارنا الى الجهة الرقابية والابتعاد على الضوابط التي يفترض أن تأخذ دورها بأسرع وقت ممكن، لردع المسيئين الذين تجاوزا حدود المهنية وصاروا يتجولون بين هذه القناة أو تلك ويكتبون في صفحاتهم مواضيع تقترب من النشاز وتبتعد عن أخلاقيات العمل، حتى أن نصحهم في أحيانٍ كثيرة، ولد بطريقة ولدت قرفاً واشمئزازاً لدى الكثيرين!
دعوة لكل من يعنيه الأمر في البدء بتأسيس ورقة ميثاق الشرف الصحفي ليكون سنداَ رسمياً يقطع الطريق أمام المحسوبين على السلطة الرابعة وينبذهم ويبعدهم عن واجهة اسمها الصحافة والإعلام الرياضيين.