اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: المدينة بين الكتاب والبندقية

قناطر: المدينة بين الكتاب والبندقية

نشر في: 20 يونيو, 2020: 05:43 م

 طالب عبد العزيز

لسنا وحدنا، نحن الذين نحترف الكتابة، من يعتقد بانَّ مدناً كثيرة في العالم إنما تقرن اسماؤها باسماء كتّابها وشعرائها وفنانيها، وهناك يقين قاطع بان الزوّار والسائحين في العالم غالباً ما يقصدون المدن الجميلة والهامة بوحي وإغواء من كتب قرؤها،

فهذه دبلن التي لا يمكن فصلها عن يوليسس وجيمس جويس وهذه القاهرة التي لا تُدخل إلا عبر روايات نجيب محفوظ، وتلك باريس التي لا تُفهم إلا بقراءة سارتر وجمال بريجيت باردو وهناك براغ كافكا وكونديرا وما اسطنبول إلا حكاية في كتب اليف شافاق وباموك... وهكذا.

كنت قد مررت في مرسيليا ذات يوم من العام 2015 وفيها شعرت بالندم كثيراً، لأن الوقت لم يتح لي زيارة المستشفى التي دخلها رامبو سنة 1891 نعم، مررت بالميناء الذي رست فيه سفينته القادمة من الساحل العربي، ووقفت على لوح المرسى الخشبي، لمّا تزل تُسمع أصوات الحمالين الذين نقلوه، ثم أنني تذكرت مقبرة الحسن البصري، التي بهاجرة الزبير، حيث لا ظل ولا ماء هناك، تذكرتها وأنا أقف بين الشجر المتطاول يوم قرأت الشعر في مقبرة بول فاليري بمدينة سيت.

تبذل الدول المتقدمة وعبر شركات الإعلان والدعاية ملايين الدولارات من أجل تسويق مدينة ما وجعلها قبلة الزوار والسائحين، ومع أن سوريا ما زالت تئن من حربها التي طالت، إلا أن إحدى دور النشر الألمانية أجرت استفتاء موسعاً وجدت فيه أن دمشق تعد ثاني أهم المدن في روايات العالم، قبل بكين وباريس وبرلين حتى، والفضل في ذلك يعود الى رواية (الوجه المظلم للحب- لرفيق شامي) وهذا كافكا قد أضاف الى جسر براغ أو الجسر الحجري أسطورة أخرى للأساطيرالكثيرة التي تحكى عنه، وما الفارس برونتسفيك بسيفه المدفون في حجارة الجسر وكوكبة الفرسان الذين سيأتون معه إلا اللحظة المنتظرة لإنقاذ براغ من عدو مفترض أزلي.

يناشدني أحد الاصدقاء بأن أكتب شيئاً عن المعارك العشائرية التي تحدث في البصرة، عن البنادق والرصاص والفلتان الأمني، ويغضبني ما يطالعني وأراه على الشاشات من صور وأخبار عن المعارك تلك، صور الرجال الملثمين والمسلحين بمختلف الأسلحة تثير الرعب والفزع وتشمئز نفسي من منظر المسؤولين الأمنيين وهم يجلسون القرفصاء في مضايف شيوخ العشائر. الغريب أن اقتتال العشائر هذه تزامن مع زيارة وزيري الداخلية والدفاع للبصرة، وما مشهد قطع جماعة رفحاء لطريق الناصرية –البصرة باقل قبحاً من ذلك.

كنت، وفي واحدة من أحلام كثيرة أحلم بأن تشرع الحكومة المحلية في البصرة بجعل تمثال السياب علامة دالة على المدينة، ومن فؤاد التكرلي أو الجواهري علامة دالة على بغداد وهكذا الحال مع مدن عراقية أخرى، ليس بمعنى إقامة التمثال والعناية به، فهذا أمر مفروغ منه، انما تعريف المدينة من خلاله، وذلك بجعلها متساوقة بجمالها وأهميتها معه. هل لزائر البصرة أن يعقد قرينة ما بين ما كتبه بدر عن غابة النخل وعرائش الكروم وبويب وشناشيل ابنة الجلبي والمدينة بقبحها اليوم، برثاثة عشائرها التي تتقاتل؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram