TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: العراق الذي في الضمائر

العمود الثامن: العراق الذي في الضمائر

نشر في: 22 يونيو, 2020: 09:17 م

 علي حسين

أخطر ما ابتلي به العراق أن تولى أمره وتحدث باسمه من لا يعرف قدره.. ولا يعرف عن معنى الوطن، إلا ما لقنته ماكنة الطائفية والانتهازية والمحسوبية..

الوطن عندهم هو ما يحصلون عليه من تقاسم الكعكة كما أخبرتنا الزعيمة حنان الفتلاوي ذات يوم مشؤوم ، والوطن كما يفهموه هو صفقات ومشاريع وإشعال فتن وحرائق، فهم لا يرون أبعد مما رسمه لهم حيتان الطائفية ، حتى صار انتقاد الفشل والخراب وسرقة المال العام عندهم بمثابة تربّص بالوطن .

إن أحدًا لم يبتذل الوطن ويهينه، كما فعل مشعلو نار الفتنة الذين يحتلون المناصب ونشاهدهم في الفضائيات ليل نهار، يمارسون غسيلًا قذرًا لأدمغة الناس البسطاء، يرفعون أيديهم غضبًا لكنهم يسعون إلى بث الفرقة والتطرف بدلًا من نشر التسامح والمحبة. 

بالأمس كنت أتابع ردود الأفعال على وفاة نجم الكرة العراقية أحمد راضي، وأقرأ ما كتبه مدونون عن "القيح" الطائفي الذي نشره البعض تشفيًا بالوفاة.. نساء ورجال، شباب وشيوخ، فتيات وفتيان، الجميع ارتفع فوق الطائفية البغيضة وأثبت أن العراق لا يزال بخير. 

كنت أقرأ المنشورات، وأنا أقول لصديق متحديًا أن يجد سياسيًا يحبه الناس مثل أحمد راضي أو علي هادي .

وأنا أقرأ الكلمات التي انمحت منها علامات الطائفية والمذهبية.. كلمات تعيد اكتشاف جوهر هذا الشعب.. وجدت نفسي أمام منشورات تريد أن تنفض عن هذا الوطن غبار الطائفية والمحسوبية والانتهازية ، ولعل أجمل ما في هذه المنشورات أنها أثبتت أننا شعب لم يتفسخ بعد، رغم سياسة التنكيل والإفساد وشراء الذمم التي مورست خلال السنوات الماضية، شعب لم يفسد رغم محاولات البعض لإفساد مناخ الألفة فيه وزرع قيم الطائفية وإشاعة نظرية حنان الفتلاوي التوازنية، وبث الفرقة بين أبنائه على طريقة محمد الكربولي الذي يتهم العراقيين بأنهم يتعاركون على دجاجة، فكيف إذا كان الأمر مناصب وملايين الدولارات؟، وسياسة التخويف والقتل على الهوية التي تمارسها الجماعات المسلحة، أدهشتني وأفرحتني هذه الاستعادة المبهجة لأصالة ووطنية الشخصية العراقية، في لحظة تصور البعض أن أحزاب الطوائف استطاعت أن تحرق مساحات الأمل والوطنية فيها، مدونون يتحدثون عن الضمير فنشعر بنبرة الصدق تشرق من بين حروفهم، لا فرق بين مسلم ومسيحي، بين سني وشيعي، كردي وعربي، الجميع انصهر في بوتقة واحدة اسمها العراق، هذا الشعب قفز فوق أحزابه الكرتونية، وسياسييه المتعجرفين.

يا مرتزقو الطائفية أنتم مهزومون حتما.. ستهزمكم الدموع التي سكبها العراقيون على رحيل أحمد راضي، سيهزمكم عراق واحد ظل علي هادي يتغنى به مع كل ظهور له على الشاشة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram