إياد الصالحي
مع بدء أسبوع جديد يعقب أياماً مريرة عاشتها الكرة العراقية بفقد أحد فرسانها النجم الدولي السابق أحمد راضي في الحادي والعشرين من حزيران الجاري إثر إصابته بجائحة كورونا، يتطلّع كثيرون للاستفادة من دروس تلك الأيام، وفي مقدمتها كيفية التعامل مع رموز البلد والمحافظة عليهم، وتهيئة كل سُبل استمرار جهودهم الطوعية في رصّ صفوف الجماهير بخطابات تحرص على حُب الرياضة ونبذ العنف وجمع الرياضيين في مشاريع تُنمّي المواهب وتُسنِد مشاريع ستراتيجية يُجنى منها فائدة كبرى في المستقبل.
كان الراحل راضي أكثر غضباً بين زملائه ضد سياسة اتحاد كرة القدم ورئيسه عبدالخالق مسعود، وترجم ذلك في لقاء تلفازي "استثنائي" معه في قناة كويتية على هامش كأس الخليج 23 حيث احتدّتْ المناقشة بينهما بعد إصرار راضي على مطالبة مسعود ألاّ يتحدّث باسمه الشخصي ويدّعي انجازه ملف رفع الحظر الجزئي أو تنسيق علاقاته مع الاشقاء العرب والأصدقاء، بل أن ينسبَ كل ذلك الى الاتحاد العراقي كونه يضم أعضاء في مجلس الإدارة، وعليه أن يترفّع عن الأنا، برغم معارضته منهج الاتحاد والإفصاح عن عدم رضاه على عمله، إلا أنه لم يُجاهر بعمل كتلة انتخابية مضادة في يوم ما لإيمانه بأن التاريخ كفيل بمنح المستحقّين أصوات الثقة متى ما كانت أجواء الاقتراع نظيفة ولا يلوّثها غبار الفساد أو التلاعب بمصير الصندوق!
أنهمك الراحل أحمد راضي في مشروع حيوي كشف عنه في وسائل الإعلام قبل موضوعة اختياره ضمن قائمة المرشحين لمقابلة لجنة الاتحاد الدولي لكرة القدم في العاصمة القطرية الدوحة لتشكيل الهيئة التطبيعية، وهو مشروع إنشاء مركز كبير لرعاية المنتخبات الوطنية، مع تواجد مدربين أجانب متخصّصين للعمل مع الفئات العمرية لغرض صناعة جيل كروي قوي قادر على الوصول الى البطولات الكبرى وتحقيق النتائج المُبهرة، شريطة أن تتكفّل الدولة بتمويل المشروع ضمن ميزانية اتحاد اللعبة، فكان الموت أسرع، ولم يحقق راضي حلمه الكبير الذي استودعه أمانة لدى زميله شرار حيدر رئيس نادي الكرخ الذي سبق أن منحه الثقة ليكون ممثلاً للنادي في الانتخابات، وهي مبادرة تمثل قمّة نكران الذات لما نعرفه عن شرار من صفات مهنية وأخلاقية يشار اليهما ببالغ الاعتزاز.
معنوياً كان شرار وفياً مع الراحل في استدامة المشروع، ووعده بتنفيذه مع تيّسر الظروف، لكن عملياً لسنا مع شرار في طرح المشروع ليكون جسراً له أو هدفاً يصل به الى رئاسة اتحاد كرة القدم، وكلّنا نعلم أن الحديث المبكّر عن ملف الانتخابات غير مجدٍ وليس له أساس من التفاعل أو الحراك الفعلي على الأرض كون الهيئة التطبيعية لم تباشر بفتح ملف النظام الأساسي ولا كتابة فقرة واحدة في القاعدة الانتخابية، ولذلك نرى أنه استعجل في الإعلان عن رغبته بقيادة الاتحاد خلفاً للرئيس السابق عبدالخالق مسعود الذي قدّم استقالته مع أعضاء مجلس الإدارة قسرياً مطلع عام 2020.
لسنا ضد تطلّع شرار الانتخابي، وهو يعي تماماً نيّاتنا الطيبة تجاهه، وكان هناك حديث واضح معه عن أسباب خياره الانزواء بعيداً عن الاتحاد أو أي موقع رياضي في ظلّ الخبرة والدراية التي اكتسبها، وعلاقاته المتوازنة مع الجميع، لكننا ضد استغلاله مشروع أحمد راضي الذي لا علاقة له بتركيبة الاتحاد القادم، ولا ندري ما تأثير نجاح المشروع أو فشله بوجود شرار من عدمه، الأمر يتوقّف على حجم التمويل الحكومي والمفاوضات التي يُجريها الاتحاد الجديد مع نوعية خاصّة من المدربين المتميّزين مع الفئات، وبذلك لا نرى مُبرّراً أن يكون ملف راضي محطّ جدل ربما يخلق فتنة تشقّ صفوف الهيئة العامة التي وصفها شرار بصعوبة التعامل معها.
المشروع الأصوب إذا ما أراد شرار أن يحمل راية الاتحاد الجديد أن ينبذ الحديث عن الاصطفاف والتكتل وتبعات الحقبة السابقة لأنها كانت وستبقى حطب موقد لنيران صراعات مؤذية خرّبت منظومة الكرة منذ مؤتمر نادي الصيد عام 2004 حتى يومنا هذا، والحل البديل أن يكتب شرار مشروع رعاية كفاءات اللعبة شباباً وخبرة تدعم توجّه الهيئة التطبيعية في تحديث النظام الأساسي الراعي لمصلحة الجميع من دون أن يعلن وبإصرار غريب أنَّ ساعة الصفر لمعركة حشد الأصوات وتحدّي عدنان درجال وكل من يقف منافساً له في الانتخابات قد بدأت رسمياً بوفاة الرئيس المرشح أحمد راضي!