TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: للصبر حدود

العمود الثامن: للصبر حدود

نشر في: 2 يوليو, 2020: 08:55 م

 علي حسين

بعد 45 عامًا على رحيلها لا تزال أم كلثوم علامة من علامات الزمن الجميل، كانت للست جماهيريتها ومواطنون يرددون معها كل مساء وهي تشد على منديلها: "خذ عمري، عمري كله إلا ثواني أشوفك فيها".

في عصر أم كلثوم كانت مصر ومعها بلدان العرب تبشر بثقافة جديدة تتمرد على ثقافة الغيب ، إسماعيل مظهر يترجم داروين إلى العربية ، وشبلي شميل يبشر بأفكار ماركس وإنجلز، وسلامة موسى يكتب عن سوبرمان نيتشه، فيما الرصافي يكتب عن الاشتراكية بأنها: "وعد بمجتمع، لا سيد فيه ولا مسود، يأخذ كل من فيه حقه بغير زيادة، ويعطي فيه كل حقوق الآخرين بغير بخس"، في ذلك الوقت أصر الزهاوي على أن يقود معركة "السفور" إلى النهاية وهو يردد : مزّقي يا ابنــــة العـــراق الحجابــــا..

اليوم نتذكر درس أم كلثوم عن الحب والفرح والمسرة، حين نجد من يسخر من تاريخ بلاده، ويصر على أن العراقيين شعب خامل كان من الأفضل لهم أن يرضوا بالمقسوم، ولا يورطوا انفسهم في الاحتجاج والثورة على الاوضاع ، ولا تزال الأحزاب "المؤمنة" تقول للشعب: الصبر جميل. 

بالأمس خرج علينا السيد نوري المالكي ليحذر هذا الشعب من الفوضى التي ستعم البلاد إذا ما استمرت الناس تطالب بالعدالة والخدمات والأمان، السيد المالكي يتمنى على جميع العراقيين الغيارى أن يتحلوا بالصبر والهدوء . 

ماذا تشعر عزيزي القارئ وأنت تسمع مثل هذا الكلام؟، أنا شعرت بانقباض، فما يزال رئيس دولة ائتلاف القانون يجلس على كرسيّه اللماع ويتعامل مع الجميع على أنه الحاكم الأوحد لهذه البلاد، الوزراء يطوفون حول كرسيه يطلبون الرضا والنصيحة، والمحافظون يستمعون إلى توجيهاته.. وهو يقول لنا صباح كل يوم ، ماذا يعني إن فشلنا خلال السبعة عشر سنة الماضية؟ إمنحونا سبع عشرة عاما جديدة، وعليكم أن تتحملونا قليلًا ، ولكن ياسيدي، لماذا دائمًا على الناس أن تتحمل وتصبر؟، وهل هناك صبر أكثر في بلاد تعُد من أغنى البلدان ، لكنها اليوم تستجدي المساعدات مرة من الكويت ، وأخرى من تركيا، وفي انتظار أن تعطف علينا الصومال؟.

كانت أم كلثوم حريصة على فنها ، ويذكر الصحفي محمود عوض في كتابه " ام كلثوم التي لا يعرفها احد " ان كوكب الشرق رفعت دعوى قضائبة ضد الملحن محمد الموجي لانه تاخر في تلحين اغنية " للصبر حدود " وطالبته بدفع تعويض مالي ، وحين وقف الموجي امام القاضي ، طلب مهلة ، فردت عليه ام كلثوم بعبارة واحدة " للصبر حدود " ، عندها اصدر القاضي قرار بتغريم الموجي 500 جنيه .

فمن يغني للسيد المالكي اغنية للصبر حدود ، ويطالبه بدفع غرامة عشرات المليارات من اموال نهبت في مشاريع وهمية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Wissal aljubori

    الله لا يوفقه هذا الغبي اللعين جعل من العراق خربة.. اصبح شبه وطن يئن وكم على الوطن عز الدواء ...

  2. نضال عبد الرزاق

    احسنت أستاذ علي حفضك الله أيها القلم الشجاع والنظيف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram