علي حسين
بعد 45 عامًا على رحيلها لا تزال أم كلثوم علامة من علامات الزمن الجميل، كانت للست جماهيريتها ومواطنون يرددون معها كل مساء وهي تشد على منديلها: "خذ عمري، عمري كله إلا ثواني أشوفك فيها".
في عصر أم كلثوم كانت مصر ومعها بلدان العرب تبشر بثقافة جديدة تتمرد على ثقافة الغيب ، إسماعيل مظهر يترجم داروين إلى العربية ، وشبلي شميل يبشر بأفكار ماركس وإنجلز، وسلامة موسى يكتب عن سوبرمان نيتشه، فيما الرصافي يكتب عن الاشتراكية بأنها: "وعد بمجتمع، لا سيد فيه ولا مسود، يأخذ كل من فيه حقه بغير زيادة، ويعطي فيه كل حقوق الآخرين بغير بخس"، في ذلك الوقت أصر الزهاوي على أن يقود معركة "السفور" إلى النهاية وهو يردد : مزّقي يا ابنــــة العـــراق الحجابــــا..
اليوم نتذكر درس أم كلثوم عن الحب والفرح والمسرة، حين نجد من يسخر من تاريخ بلاده، ويصر على أن العراقيين شعب خامل كان من الأفضل لهم أن يرضوا بالمقسوم، ولا يورطوا انفسهم في الاحتجاج والثورة على الاوضاع ، ولا تزال الأحزاب "المؤمنة" تقول للشعب: الصبر جميل.
بالأمس خرج علينا السيد نوري المالكي ليحذر هذا الشعب من الفوضى التي ستعم البلاد إذا ما استمرت الناس تطالب بالعدالة والخدمات والأمان، السيد المالكي يتمنى على جميع العراقيين الغيارى أن يتحلوا بالصبر والهدوء .
ماذا تشعر عزيزي القارئ وأنت تسمع مثل هذا الكلام؟، أنا شعرت بانقباض، فما يزال رئيس دولة ائتلاف القانون يجلس على كرسيّه اللماع ويتعامل مع الجميع على أنه الحاكم الأوحد لهذه البلاد، الوزراء يطوفون حول كرسيه يطلبون الرضا والنصيحة، والمحافظون يستمعون إلى توجيهاته.. وهو يقول لنا صباح كل يوم ، ماذا يعني إن فشلنا خلال السبعة عشر سنة الماضية؟ إمنحونا سبع عشرة عاما جديدة، وعليكم أن تتحملونا قليلًا ، ولكن ياسيدي، لماذا دائمًا على الناس أن تتحمل وتصبر؟، وهل هناك صبر أكثر في بلاد تعُد من أغنى البلدان ، لكنها اليوم تستجدي المساعدات مرة من الكويت ، وأخرى من تركيا، وفي انتظار أن تعطف علينا الصومال؟.
كانت أم كلثوم حريصة على فنها ، ويذكر الصحفي محمود عوض في كتابه " ام كلثوم التي لا يعرفها احد " ان كوكب الشرق رفعت دعوى قضائبة ضد الملحن محمد الموجي لانه تاخر في تلحين اغنية " للصبر حدود " وطالبته بدفع تعويض مالي ، وحين وقف الموجي امام القاضي ، طلب مهلة ، فردت عليه ام كلثوم بعبارة واحدة " للصبر حدود " ، عندها اصدر القاضي قرار بتغريم الموجي 500 جنيه .
فمن يغني للسيد المالكي اغنية للصبر حدود ، ويطالبه بدفع غرامة عشرات المليارات من اموال نهبت في مشاريع وهمية .
جميع التعليقات 2
Wissal aljubori
الله لا يوفقه هذا الغبي اللعين جعل من العراق خربة.. اصبح شبه وطن يئن وكم على الوطن عز الدواء ...
نضال عبد الرزاق
احسنت أستاذ علي حفضك الله أيها القلم الشجاع والنظيف