طالب عبد العزيز
سعادة بالغة تلك التي يعيشها سكان قضاء أبي الخصيب الأيام هذه، فقد شرعت الحكومة المحلية بتوسعة الشارع الرئيس، الذي يربط القضاء بالمدينة، بواقع مسارين(رواح ومجيء) مع جزرة وسطية، وهناك أعمال لمد أنابيب مياه صالحة للشرب، وإنشاء جسور جديدة على أنهاره، واستبدال أعمدة وخطوط للكهرباء وربما تشجيره، بعد معاناة طويلة لا حصر لسنواتها.
ومع أنَّ إمكانيات الشركات المحلية في تنفيذ مشاريع كبيرة كهذا لا يعول عليها كثيراً، فقد رأينا منها ما رأينا من المشاريع الفاشلة أو المتلكئة، بسبب الفساد المالي وقلة الخبرة وقلة الآليات والإمكانيات الفنية، لذا ستشوب سعادة أهلنا في المدينة تلك شائبة اليأس، وربما الإفراط به، من إمكانية معاينة مشروع ناجح، وبمواصفات عالمية، لما للطريق هذا، الذي شق وسط غابة النخل سنة 1924 من تاريخ باذخ وحميمية في نفوس البصريين والعراقيين بعامة، فقد كان وحيد الطرق الداخلية في العراق أناقة وجمالاً، وأفضل أويقات التنزه وقضاء الأمسيات الحلوة عليه.
ولكي لا نكون قساة على الشركة الفتية ومحافظ المدينة المهندس أسعد العيداني وطاقم إدارته، الذين نجحوا في استحصال الموافقات الحكومية والتخصيصات المالية الكبيرة للمشروع نود أن نلفت أنظارهم الى جملة ممكنات ستجعل من الحلم الخصيبي ممكناً او ناجحاً. وسنجعل آراءنا أسئلةً، علنا نصل الى نتائج معقولة. فنقول: هل هناك خطة لإقامة مشروع مجاري مثل التي أسست في مدينة القبلة؟ فقد تحولت انهار القضاء كلها الى مجاري للصرف الصحي بما تسبب في مضاعفة التلوث بشط العرب، الذي سياخذ مشروع ماء المحيلة(الحلو) ماءه منه؟
وهل ستتم مراعاة الطابع الأثري والفلكلوري في إقامة الجسور، فقد سبق وأن افتتح الوالي العثماني نظيف باشا جسر باب سليمان الخشبي ومازال قائماً الى اليوم، وكانت الجسور التي شيدها الجيش البريطاني على أنهار أبي مغيرة وحمدان ومهيجران ونهر خوز والسبيليات واليهودي والسراجي بعد الحرب العظمى الأولى جميلة وبفتحات ملاحية ميكانيكية، ترى ماذا لو اختيرت تصاميمها بدقة وفنية عالية، وروعي فيها الفائدة والجمال معاً، فالمبالغ التي ستصرف على القبح نفسها التي ستصرف على الجمال، أم أن مسألة كهذه لم تبحث في بنود العقد؟ وليتنا نرى لوحات على شكل فلكسات منصوبة قرب الجسور لمعاينة ما يمكن الحديث عنه أو التنبيه له.
أمّا وقد جعلت الحكومات المحلية السابقة من القضاء الموصوف بخصوبة الأرض ووفرة التمر والانهار الكثيرة والناس الطيبين بإدخاله ضمن التوسعة العمرانية للمدينة، -وهذا أسوأ ما عملت عليه- نسأل أما آن الأوان للحد من تجريف البساتين وإيقاف البيوع الجائرة بغية الاحتفاظ ببعض ما ظل من الأرض والنخل والأنهار؟ وربما نهمس في أذن من بيده ملكوت الصرف والتنفيذ والمباشرة بأن التغيير الديموغرافي للسكان وعبر السنوات الماضية تسبب بمشاكل كثيرة، جعل من المكان بؤرة لتهريب النفط والمخدرات والصراعات العشائرية، ألا ترون موجباً في تشريع قانون خاص بالقضاء بوصفه منطقة حدودية، بحاجة الى تركيبة سكانية متجانسة، في ظل ما تعاني منه الدولة من الفوضى الإدارية وانعدام في الأمن؟ ولدينا المزيد من الأسئلة.