عمــار ســاطع
من بين الأحوال العصيبة والظروف القاسية التي عاشتها الرياضة العراقية منذ نحو 17 عاماً، تولد تلك الديمقراطية (الرعناء) أو المشهودة بـ (شخابيط) وتواقيع بعض المتخلّفين والتي وصلت الى حدود بعيدة كل البعد عن المسمّى الحقيقي وهي (الديمقراطية النموذج الحيّ) بل إنها وضعت العصا في عجلة دورانها لتوقفها وتُدمر وتضرب مؤسساتنا من الأولمبية والاتحادات والأندية، وإنها قضت على عمق العلاقات الأخوية التي كان الأكثرية يتمتعون بها!
ما دعاني للكتابة في هذا الأمر، هو الاختلاف الذي نعيش عليه ويعتاش عليه الكثير من الذين يبحرون في عالم الوصول الى مرفأ القيادة وتسلم المناصب وعشق الكراسي والظهور وركوب الموجة في البحث عن (جاه) برغم أن أغلبهم واثق تماماً من أنه غير جدير بالمكانة ولا يستحقها، مثلما يدرك تماماً أنه يقف على قدميه متعكّزاً على التسلّح بحزبٍ يقود الدولة وكتلة تحكم البلد وجهة سياسية لا تخشى من قيل أو قال!
الديمقراطية الجديدة عندنا، أن تنفذ أجندات من يدعمك وتطبّق ما يُملى عليك من شروط وضوابط وأحكام وتعليمات، ليس بالضرورة أن تخدم المسيرة الرياضة وسيرتك الرياضية.. تخيّلوا معي وجود أشخاص في أكثر من منصب، بين نادٍ واتحادٍ وممثلية وعضوية، وغيرها من مواقع، لا شيء، بل لأنه يؤمن بأنه لا يوجد من هو أكفأ وأفضل منه، فأخذ سلّة العنب كلها، ولم يترك حتى الحُصرم للآخرين! كيف لا وهو يؤمن تماماً أنه قادر على أن يتعدّد بمناصبه ومتمكّن في حلّ كل القضايا!
من وجهة نظري أن قانون الديمقراطية، شفاف جداً لمن يريدون أن يأتون به، وقانون الانتخابات أكثر مرونة لمن يحاولون المجيء به الى سلطة تسيّدها لأربعة أعوام وربّما أبعد من تلك المدة أيضاً، مثلما يحكى أن الانتخابات أتت بمن لا يستحق وأبعدت من كان هو أولى وأجدر من غيره في الفوز، وكل ذلك مرتبط بمدى تقديم التنازلات لمن يُقيم هذا من ذاك!
خريطة الطريق تأتي في انتخابات الأندية والاتحادات لمختلف الألعاب، أشبه بالتكتلات والقوائم، مروراً بتسقيط جهة ما أو مجموعة ما، ويبقى الصندوق معروف الولاء، فالانتخابات لعبة، ولعبة (قذرة) فيها تنقلب الوجوه وتتبدل الآراء وتتغيّر القيم وتتشوّه الصور، الانتخابات أن تلعب مصلحتك فوق الجميع ودون المرور بالأسماء ومراعاة الضمير!
في الحقيقة، لم أر انتخابات جرت بشكل نظامي وصحيح، أياً كانت، فالنتائج معروفة مسبقاً نتيجة الظروف غير الملائمة التي مرّت على البلاد منذ التغييرات السياسية، وكل ذلك سببه الدولة وربكة في إعداد القوانين والانظمة الداخلية لكل الاتحادات، وحتى الأندية، فالتفسيرات والتأويلات فيها مجال كبير للتلاعب، والتعليمات التي تُطبق أكثر من القانون نفسه كانت فرصة سانحة لتشويه الحقائق!
أقول .. ما حدث ويحدث من تطبيق للوائح كان أشبه بـ (العار) لمن يتبنّى العمل بهذا الأسلوب، فلا لجنة الشباب والرياضة في البرلمان قادرة على توحيد صفوفها والخروج بقانون يضع النقاط على الحروف وينهي التشظي الحاصل ويوقف الانتهاكات التي تحدث وما تزال مستمرّة، ووضع نهاية لمأساة الصراع في الأولمبية، ولا الأولمبية نفسها قادرة على تبنّي مشروع يفض النزاع الحاصل بينها وبين وزارة الشباب والرياضة، ولا وزارة الشباب والرياضة متمكّنة من إيقاد شعلة الإفراج عن مراكزها ومنتدياتها لتنير دروب الشباب ومستقبلهم بالأخذ في أيديهم نحو عالم البناء والنمو والتطور، بمقابل ما تعانيه الوزارة من نخر في أساستها بسبب موضوع الاستثمارات التي قلبت الأندية الى مقاهٍ وصالونات وأسواق بعيداً عن المتبنّيات الحقيقية التي يفترض أن تقف عند حدودها!
وحتى لا تغيب عنا الحقائق، فإن الاتحادات المركزية والفرعية أيضاً بشتى الألعاب ومختلف الفعاليات، ما تزال تعيش في فوضى عارمة، سواء كان ذلك في مدة عملها الفعلي أو حتى في صلاحياتها الرسمية، وأكثر من ذلك، بالشخوص الذي يتواجدون بشكل قانوني من غيره في كل موقع وفي كل مكان، فالمسألة مسألة شائكة ومعقدة وهي بحاجة لمن يقف عندها وينهي هذه المهازل التي تُسمى انتخابات، وهي بعيدة كل البعد عن الانتخابات التي يفترض أن تكون سلسلة وواضحة لدرجة تعطي لكل ذي حق حقه بعيداً عن لغة المصالح والمحسوبيات والمنسوبيات التي أكلت من جرف الرياضة وأقتربت من محطة دقّ المسمار الأخير في نعش رياضتنا!
أقول.. إن أغلب قادة الأندية والاتحادات، خدموا أنفسهم ومصالحهم أكثر من خدمتهم للرياضة، لا بل أنهم لم يقدّموا أو يطوّروا أي شيء، وأتحدّى أكثر تلك القيادات أن يكون لديهم خطط عمل وبرامج فعلية وأسس ستراتيجية ينهضون بواقعهم، لأنهم يؤمنون بالبدائية بداخلهم، ويتحدّثون باحترافية في العلن، وعليه أطالب الدولة العراقية بمتابعة هذا الملف الشائك الذي أدخلنا في دوّامات ووضعنا أمام حقيقة الكشف عنها أمام الجميع ، ليأخذ كل ذي حق حقه!