TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من أختطف هيله ؟

العمود الثامن: من أختطف هيله ؟

نشر في: 21 يوليو, 2020: 10:01 م

 علي حسين

مرّة أخرى.. الإنجاز الأبرز لسياسيّي " الصدفة " أنهم نجحوا في تلويث الضميرالإنساني، بحيث صار هناك من يطرب ويشمت لخطف سيدة، ذنبها الوحيد أنها أحبت العراق وساندت تظاهرات شباب الاحتجاجات، بل إنّ البعض شعر بالنشوة لأنّ الألمانية "هيلا مويس" التي يطلق عليها أصحابها في بغداد اسم "هيله"، تحببًا ، لأن هذه المرأة الجريئة تتجول كل يوم بدراجتها ونحن بلد "المتقين"،

لعلّ ما جرى في هذه الجريمة الخسيسة يؤكد أنّ أشياء كثيرة لم تتغيّر، وأن هناك من لا يريد لهذه البلاد ان تستقر بدليل تكرار جرائم الخطف والاغتيال، وهي تكرار لجريمة اختطاف الإعلامي مازن لطيف، مثلها مثل جريمة تغييب الكاتب توفيق التميمي، وهي جرائم لا تختلف عن إطلاق الرصاص على المتظاهرين الشباب، وقتل العديد من الناشطين ، فالذي حدث أنّ إنسانًا يفقد حريته، لأن البعض لا يرتاح له، ويزعحه منظره وهو يتجول بحرية وعفوية ، في الوقت الذي يغيب فيه القانون، وتصبح الأجهزة الأمنية مثل "خيال المآتة" ، إذا عرفنا أن السيدة الألمانية تم اختطافها بالقرب من مركز شرطة.

والآن سأعيد طرح سؤال مهم، ونحن نتابع صمت الحكومة ومعها القضاء أمام جرائم الاختطاف : هل يعرف العراقيون اسم المدّعي العام العراقي؟، هذا إذا كانوا سيُصدِّقون أنّ هناك منصبًا قضائيًّا اسمه الادّعاء العام. ثم إنني بكلّ صدق لستُ أعرف: هل اختطاف سيدة اجنيبة وسط بغداد لا يستدعي أن يركب السيد المدعي العام سيارته "المصفّحة" ويذهب إلى مكان الجريمة لمعرفة ما جري هناك؟، ولا بأس عزيزي القارئ أن تنعش ذاكرتك بأنّ المدّعي العام ربما لم يشاهد ما يعرض في الفضائيات ، وكيف أنّ حكومة عادل عبد المهدي اطلقت الرصاص على المتظاهرين ثم ذهبت لتستلم تقاعدها بكلّ حريّة! واريحية !.

إن مشهد خطف سيدة تقدم خدمات ثقافية واجتماعية للشباب وتحاول أن توصل صوتهم إلى العالم يقول إن أشياء كثيرة لم تتغير، وأن هناك من لا يريد أن نمضي نحو مستقبل آمن، والدليل جرائم الاغتيال أو الخطف التي دائمًا تسجل ضد مجهول، وهي تكرار لجرائم كثيرة ارتكبت وسترتكب في المستقبل وإن اختلفت التفاصيل والوجوه، فالذي حدث أن جماعة قررت ان تصبح فوق الدولة والقانون بمنتهى البساطة .

قد يعتبرني بعض الساسة الافاضل متآمرًا، لأنني دائما ما أقارن بين ما يجري في العالم وبين ما يجري من مهازل في بلاد النهرين ، وهي مقارنة لا تجوز لأسباب عدة ليس من بينها أن المسؤول عندنا أهم من المواطن، ولأنه لا توجد قيمة للمواطن في بلادنا السعيدة، إذ يمكن لأي قناص أو ملثم أن يقتل متظاهرًا، ولهذا لن يتطرق ساستنا الأفاضل لاختطاف السيدة الألمانية لأنها في نظرهم الآن ترفل في " العز " 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram