علي حسين
إذا كنت محبطًا ومهمومًا إقرأ هذا الخبر الذي يقول إن وزير النقل أعلن أن هناك مؤامرة تحاك ضده بسبب المنجزات الكبيرة التي حققها لقطاع النقل، فها نحن نحتل المراكز الأولى في خدمات الطيران، ولا تتحدث عن سكك الحديد التي تغار منها اليابان.
هل زالت همومك عزيزي القارئ؟ إذن، إقرأ هذا الخبر الأكثر طرافة، وزارة الدفاع تصرخ "واه جميل الشمري"، فقد أكدت الوزارة في بيان ثوري أن قائد عمليات ذي قار السابق بريء من دماء المتظاهرين ، وأن الحملة ضده كيدية كون الرجل استطاع أن يرسخ الأمن والأمان، وأن ما حدث في الناصرية مجرد قصص خيالية تنسجها مواقع التواصل الاجتماعي "الماسونية".
في بلاد الرافدين يستطيع ابن شقيق وزير النقل أن يعطل رحلة جوية لعدة ساعات، لأن عائلة سيادته لم تصل المطار بعد فيما تحاول وزارة الدفاع ان تذكرنا بأفلام وحش الشاشة الراحل فريد شوقي، حيث تصر الوزارة على أن وحش الشاشة "جميل الشمري" إنسان وديع وأن ما قام به مجرد تمثيل في تمثيل، فلا توجد ضحايا في الناصرية وأن ما يكتب في الصحف ويظهر على شاشات الفضائيات مؤامرة تقودها الإمبريالية التي غاضها أن العراق لديه جنرال بأهمية مهدي الغراوي ووداعة جميل الشمري.
يسقط كبار المسؤولين، في سلاح الكذب، لذلك قال نابليون ذات يوم لأحد ضباطه: "إياك والكذب ، فهو أول الطريق لخسارة الحرب"، لو حدثت قصة الشمري وابن شقيقة الوزير في بلد ديمقراطي حقيقي، لكانت تحولت إلى رواية من روايات الصحافة، لكنها حصلت في زمن لا صوت يعلو فيه على صوت "الشفافية".
مسؤولون يهملون البحث عن الأسباب، وينشغلون بالبحث عن المبررات، في العالم، يعتبرون التقصير الوظيفي "فضيحة" تلاحق صاحبها إلى القبر.. قبل أعوام شاهدنا الجنرال الأميركي "بترايوس" يُقدم استقالته من جميع مناصبه، لأن أعراف دولة المؤسسات يستحيل معها القبول بموظف يمارس الكذب.. قد يبدو الاستشهاد ببترايوس مكررًا، لكن إعادة الحديث عنه الآن أمر مهم، ونحن نرى ضابطًا كبيرًا مثل الفريق مهدي الغراوي يخرج سالما آمنا من اكيبر جريمة واعني بها " سقوط الموصل .
المنصب العام في الديمقراطيات المحترمة مسؤولية تلزم نظامًا رقابيًا صارمًا على كل أنواع التصرفات والسلوكيات الشخصية للمسؤول، كل شيء تحت المجهر لصاحب المنصب العام: ثروته، علاقاته، حتى صحته، المنصب العام مسؤولية عظمى، لا مكان فيه لقصص الخيال .
ولكن ياسادة لا تيأسوا، فبرغم كل شيء تحتفل صحيفة المدى بايقاد شمعتها الثامنة عشر ، وإبراهيم الجعفري ومكتبته "العامرة" ولغته السنسكريتية، غائبون عن الأنظار والأسماع، ومع شغفي بعمّنا أبي الطيب، أقول لجميع الزملاء في المدى : كل عام وأنتم على عتبة أيام أفضل لا تسمعون فيها اخبار عالية نصيف.