علي حسين
دائمًا ما تصلني رسائل من قراء أعزاء.. الكثير منها يعتقد أصحابها أن الشعارات التي ترفع هذه الأيام حول المواطنة وضرورة الابتعاد عن شبح الطائفية، لن تلقى صدىً لدى الناخب الذي سيهرول لانتخاب "جماعته"،
فيما البعض الآخر يرى أن العلة ليست في السياسيين، وإنما في المواطن الذي يصر دومًا على الانقياد لأهواء ورغبات السياسي ، ويكفي أن نأخذ عينات من الحكومات التي مرت على هذا الشعب كي نرى حجم الاستخفاف بالإنسان، فشراء الذمم وتزوير إرادة الناس وسرقة المال العام والمحسوبية والرشوة، جعلت من المواطن المسكين يعيش على هامش الحياة.
البعض من المواطنين وهو يعيشون وسط أكوام الضياع وصحراء القهر والغبن وبطالة وخوف وموت مجاني، ليس أمامهم ، سوى الوقوع في ثقب الخديعة مع ما يحمله من بلسم كاذب ووهم خادع لجنة موعودة كبديل عن إفلاس مشاريع الجنة الأرضية، جنة العدالة الاجتماعية والتنمية والتقدم التي وعدت بها أنظمة تسعى للاستيلاء على أي شيء وكل شيء.
ما معنى أن يدفعنا السياسيون في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب؟، هل يدركون مدى اتساع الهوة بينهم وبين الناس.. بين من يملكون كل شيء والذين لم يعد لهم الحلم أو حتى الأمل؟.. لا يمكن بناء وطن لا يؤمن أهله به ولا يثقون بغده، أو بغد أبنائهم.. وهذه الثقة لا يمنحها سوى سياسيين نزهاء وصالحين.
ظلت الناس تأمل بسياسيين يعلون مبدأ الحوار السلمي، شعارهم القانون أولًا وأخيرًا، لكنهم وجدوا أمامهم عقلية سياسية تتعامل مع الجميع باعتبارهم أعداء للوطن وعملاء للخارج، كانت الناس تأمل بسياسيين يخرجون البلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم ساسة ومسؤولين يريدون إعادة البلاد إلى زمن القرون الوسطى وعهود الظلام.
اليوم نشعر جميعًا أننا وسط حلبة مصارعة نتلقى فيها الضربة تلو الأخرى دون أن يلوح في الأفق أي تغيير في ميزان القوى لصالحنا، هل الحماقة أن نصمت وننعزل؟، أم الحماقة أن ندفع أعمارنا في الهتاف لسياسيين حمقى وأغبياء؟.. إنها محنة مواطن يعتقد للأسف أن حماقة الطائفية هي طوق النجاة الأخير، هل يدفعنا هذا الأمر إلى اليأس؟، بالتأكيد لا، فسيأتي يوم نجد فيه المواطن العراقي ومن خلال صناديق الاقتراع نفسها يعبر على جثة الاصطفاف الطائفي، لأنه سيدرك حتمًا أن التغييرالحقيقي الذي يستحقه لا يعني تغيير السلطة، أو وجوه الحاشية، أو استبدال جماعة طائفية، بأخرى أكثر طائفية.
التغيير ليس صناديق انتخابات فقط، بقدر ما هو تفكيك بنية فاشلة ترى في كرسي الحكم حقًا شرعيًا، وهذا لن يتم بمجرد تنظيف الواجهات، بينما يبقى العفن يحتل أركان الوطن، ويعيد إنتاج الفاشل كل مرة بوجه جديد وبشعارات وخطب جديدة .