ثائر صالح
ربما لا يعرف الكثيرون منّا فرانتس لَهار (1870 – 1948) أو يسمعوا به، لكنه كان من أشهر مؤلفي الأوبريت في وقته.
ألف 31 من الأوبريتات التي لا يزال الكثير من أغانيها مسموعاً حتى اليوم، فقد تحولت الى ما يعرف بالأغاني "دائمة الخضرة" تعبيراً عن انتشارها بين الناس على مر الزمان وترديدهم لها حتى دون أن يعرفوا من هو مؤلفها. ولد في مدينة كوماروم المجرية حيث عمل أبوه الذي كان قائداً لفرقة موسيقى الفوج 50 مشاة في الجيش الامبراطوري الملكي (النمساوي المجري K und K) المرابطة هناك. سرعان ما نقل الفوج الى مدن أخرى فتنقلت العائلة مع الأب بين مدن الإمبراطورية النمساوية المجرية مثل برسبورغ (بوجوني بالمجرية وهي براتسلافا اليوم) وشوبرون وبودابشت. بدأ بتعلم الألمانية في الثانية عشرة عندما أرسله أبوه إلى أعمامه في مورافيا (تشيكيا)، ثم دخل كونسرفاتوار براغ سنة 1884 لتعلم العزف على الكمان، لكن دفورجاك درّسه التأليف خلافاً لضوابط الكونسرفاتوار بعد أن لمس فيه الموهبة. عمل بعد تخرجه لفترة وجيزة في ألمانيا، ثم أصبح ضابطاً ليعمل في فيينا مع أبيه في فرقته، بعدها في وحدات الجيش في لوشونتس (في سلوفاكيا اليوم) وبولا (كرواتيا). بعد وفاة أبيه في 1898 خلفه ابنه في قيادة فرقة الفوج 26 مشاة في 1899 واستمر يقودها حتى 1902.
وقد عُثر مؤخراً على تسجيل لمارش عسكري من تأليف لَهار تؤديه الفرقة الموسيقية للفوج رقم 26 يعود الى سنة 1901، ويرجح أن يكون لَهار نفسه من يقود الفرقة، لكن المعلومات على الأسطوانة لا تفصح عن اسم قائد الفرقة. عثر على التسجيل الكاتب الألماني كاي – اوفه غارلس (ولد في 1971) الذي أعد قبل أشهر مجموعة من الكتابات عن لَهار صدرت بمناسبة يوبيليته بالتعاون مع هايده شتوكنغر. يسكن غارلس في باد ايشل القريبة من زالتسبورغ وهناك توجد فيلاّ لَهار التي سكن فيها قرابة 40 سنة حتى وفاته في 1948 وجرى تحويلها الى متحف لاحقاً. قدّم التسجيل الذي جدد رقمياً في متحف لَهار في باد إيشل يوم 27 تموز الماضي في احتفال خاص لتقديم كتاب غارلس وشتوكنغر.
بعد تركه الجيش حاول تأليف الأوبريتات في فيينا، دون أن يحالفه النجاح حتى جاء النجاح المدوي آخر أيام سنة 1905 مع أوبريت الأرملة السعيدة، بحيث عرض الأوبريت 3500 مرة خلال سنتين فقط في مختلف مدن أوروبا. وأنتجت هوليوود الأوبريت بصيغة فيلم غنائي سنة 1934 من بطولة جانيت مكدونالد وموريس شيفالييه، وقبله تناولت الأوبريت مرتين.
من أشهر اوبريتاته الأرملة السعيدة (1905)، كونت لوكسمبورغ (1909)، الحب الغجري (1910)، العندليب (1918) وبلاد البسمات (1929). لكنه ألف أعمالا أخرى كذلك مثل السوناتات والمارشات العسكرية والفالتسات الراقصة.
لم تكن علاقته بالنازيين جيدة خلال الاحتلال الألماني للنمسا، وقد حاربه النازيون اعلامياً بدعوى معارضته احتلال بلجيكا من قبل ألمانيا. كما حاول الغستابو اعتقال زوجته اليهودية، لكن لَهار استطاع تسوية الأمر بتوظيف علاقاته الواسعة، ويقال إن هرمان غورنغ منحها وثيقة تقول انها "اكتسبت" الانتماء للعرق الآري!