TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: هشام الهاشمي في رواية اللجنة

العمود الثامن: هشام الهاشمي في رواية اللجنة

نشر في: 25 أغسطس, 2020: 09:24 م

 علي حسين

منذ سنوات وأنا أقرأ كل ما يصدره الكاتب الروائي المصري صنع الله إبراهيم ، منذ أن قرأت له المرة الأولى روايته "تلك الرائحة" التي كتبها بعد خروجه من السجن عام 1966،

وهي الرواية التي قال عنها يوسف إدريس " كان كاتبها صريحًا صراحة لا تحتمل "، هذه الصراحة والوضوح كانت سلاح صنع الله إبراهيم ، وهو يقدم شهادته عن عالم عبثي نعيش تفاصيله كل يوم، بل وكل ساعة ، وسيجسد لنا صورة هذا العالم في روايته المثيرة "اللجنة" حيث يرسم لنا فيها صورة قاتمة لعالم عبثي كانت فيه اللجان المضحكة نموذجًا يحكم العديد من بلدان العالم، فيما يخضع بطل الرواية لعملية "غسل دماغ"، لقد استغرق الأمر منه سنوات حتى فهم معنى العبث الذي يصرّ البعض على أن يفرضه على الناس.

منذ أن اغتيل هشام الهاشمي وأنا اتذكر المتاهة في رواية صنع الله إبراهيم، ففي كل يوم يخرج علينا عدد من الناطقين، وهم يؤكدون أن اللجنة اجتمعت وبحثت وأكدت أن القتلة لن يفلتوا من العقاب.. وهي نفس العبارة التي تتردد بعد كل كارثة أمنية.

في"اللجنة" يحاول بطل صنع الله إبراهيم أن يُعلّم أهل المدينة أن حقوق الإنسان مسألة تستحق أن يُقاتَل من أجلها، وأن القوانين ليست منزَّلة من السماء، يحاول أن يفتح أعينهم على أنّ "الشعوب من دون حريّة لا يعود لها وجود.. ولهذا تحاول الحكومات الفاشلة أن تنوع المحظورات وتتنافس في سنّ قوانين خاصة بها، وأن ترفع سيف الفضيلة والدين في وجه من يعترض على الخراب، وأن تعلن أنها في غزوة "ايمانية" لمواجهة الإلحاد"!!

هل تريدون أن نقارن، أرجوكم بلا مزاح، في كلّ يوم نسير عكس اتجاه العالم، لكننا في الصباح نشكو المؤامرة الإمبريالية التي تقف بالضد من رفع الأزبال عن شوارع بغداد، ونشتم الماسونية لأنها تسببت في ضياع أموال الكهرباء، كل ما نحن فيه مؤامرة تحتاج إلى لجنة من الخبراء لا يعرف المواطن المسكين لونهم وطعمهم ورائحتهم.

يتكرر المشهد وتتكرر معه اللجان على مر 17 عامًا دون أي تغيير، مجرد إضافات جديدة، ألم يخبرنا العبادي أنه شكلّ لجنة للكشف عن قتلة المتظاهرين ، ونسي أن يضيف إلى قائمة الاختيارات، ان يشكل لجنة لمعرفة من سرق مستقبل المواطن، وتقريب الأصحاب وطرد الكفاءات، وإحالة الملفات إلى لجنة متخصصة، والمتخصصة تحيلها إلى مهنية، أليست اللجان هي التي مكنت عديلة حمود من أن تسرق اموال وزارة الصحة، وتسلم وزارة الشباب والرياضة إلى أحمد رياض العبيدي الذي تحول بقدرة "فانوس" علاء الدين السحري ، من لاعب كرة يد إلى صاحب شركة طيران خاصة وبفلوس الوزارة ايضا ، ومع سبق الاصرار !!. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram