تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.
سامي عبد الحميد
2-2
في السنوات التالية كانت معظم انتاجات الطلبة تعتمد على مسرحيات من تأليفهم ورغم ظهور بعض الابداعات ولكن هبوط المستوى الفني كان هو الغالب سواء بما يخص التأليف أو الإخراج وحتى التمثيل ومرد ذلك هو النصوص التي يكتبها المبتدئون في الغالب والتي لا ترقى الى المستوى الفني المطلوب ويتبع ذلك اخراج تلك النصوص الذي لا يستند على التأليف وهكذا استمر طيلة السنوات التالية بعد التسعينيات، وكان لزاماً على اقسام المسرح في المعاهد والكليات الفنية ان تنتج مشاريع الطلبة من المراحل المتقدمة في الدراسة لذلك لجأت الى إقامة مهرجانات مسرحية في نهاية كل عام دراسي. وفي هذا العام 2017 اقام معهد الفنون الجميلة للبنين ومعهد الفنون الجميلة للبنات بقسيمهما الصباحي والمسائي وفي الكرخ والرصافة مهرجانات مسرحية وقد اطلعت على ما قدم من مسرحيات في مهرجان قسم الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد الذي أقيم من 20 الى 23 من مايس عام 2017 فوجدت ان من بين سبع مسرحيات مشاركة ثلاثة منها كنت قد أخرجتها لطلبة كلية الفنون الجميلة أو لإحدى الفرق المسرحية خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي وهي (في انتظار غودو) (لساموئيل بيكيث) (الجوع والعطش) ليوجين يونسكو و(الامبراطور هونز) ليوجين اونيل. ولاحظت ان الطلبة المخرجين لهذه المسرحيات الثلاث لم يلتزموا بمعطيات نصوصها بل فرضوا رؤاهم الخاصة في معالجاتهم الاخراجية مبتعدين كثيراً عن احداثها وشخوصها محاولين اسقاط موضوعات تلك النصوص على الواقع الذي يمر به بلدنا. ولاحظت ايضاً شيئاً من الابتكار في معالجة البعض منها اخراجياً وكان المفروض بإدارة القسم ان تلزم الطلبة المخرجين ان يكونوا أمناء على مؤلفي النصوص الاصلين ليتعلموا منها حرفيات التأليف المسرحي وأن نذكرهم بأن ممارسة التأليف يمكن ان تتم للتدريب فقط وللتعلم داخل الصف وليس في عرض المسرحية الى الجمهور وان تميزت بعض النصوص المعدة من قبلهم ببعض الالتماعات، ونذكر بأن طلبة اقسام المسرح في السنوات الماضية كانت لهم مساهماتهم في تأليف المسرحيات ولكن إدارة القسم لم تكن تسمح لهم بإخراج مؤلفاتهم بل مؤلفات مؤلفين معروفين لكي يمكن الحكم على معالجاتهم على وفق معايير فنية عالمية.
ومن الملاحظ ان ظاهرة المخرج – المؤلف لا تسري على الطلبة وحسب بل تسري ايضاً وفي الآونة الأخيرة على عدد من المخرجين المحترفين واعزو سبب هذه الظاهرة هو عامل السهولة في المعالجة حين يسهل على المخرج معالجة مسرحية قام هو بتأليف نصها بينما يصعب عليه اخراج مسرحية لكاتب مسرحي شهير مثل شكسبير أو ابسن أو يونسكو أو دورنمات مما يقتضي عليك مفصلاً لافعال المسرحية واحداثها وشخوصها وابعادهم ومقاصدهم وعلاقاتهم وهي مهمة عسيرة احياناً وتستغرق وقتاً طويلاً للتمارين .