عمــار ســاطع
هل وجدتم جريحًا يداوي نفسه؟ أو بمعنى آخر هل شاهدتم طبيبًا يعالج نفسه بنفسه؟ باختصار تلكم هي حقيقة ما يحدث في رياضتنا للأسف.. فالبناء الذي يعتقد الكثير من القائمين على رياضتنا أنهم وجدوا الدواء لما تعانيه من معضلة أزلية وداء للمرض الذي تعاني منه هو في الحقيقة خطأ جسيم وكبير!
الرياضة عندنا أكذوبة واضحة وصريحة وكبيرة جدًا.. إذ كيف يمكننا أن ندعي أن لدينا رياضة وأننا في حقيقة الأمر لا نملك أي قاعدة رصينة فعلية لتاريخ ملؤه الافتراء والكذب والضحك على عقول من يزاول الرياضة ويعيش في وهمٍ عميق!
للأسف فإن ابطال الفشل الرياضي اليوم هم قادة يتولون زمام الأمور ويمسكون في صولجان قيادة العمل يتربّعون على مقدرات وقدرات الحركة الرياضية التي تعيش في وادٍ بعيد كل البُعد عن الواقع الذي يفترض أن يصلوا اليه والى أهدافه التي باتت حلمًا لن يتحقق!
أيها الأخوة.. على أرض الواقع نحن نهتم بفتح ملفات وبنود الانظمة الداخلية سواء كانت للأندية والاتحادات، ونحن لا نطبّق مفردة واحدة من المواد الاساسية فيه، مثلما لا نريد أن ننفذ أبسط أجزاء القوانين الانتخابية، ونسير على التعليمات ونترك ما صوّتَ عليه النظام نفسه!
تصوّروا أن انتخابات الاتحادات الرياضية سبقت انتخابات الأندية واصبح اعضاء الاتحاد الفائزين خارج مجال إدارة انديتهم بالخسارة، مثلما نزج اليوم بأسماء ليس لها وجود في انتخابات الهيئات العامة لإدارات الأندية وهناك من ذُكر اسمه لمرة أو مرتين في قوائم الهيئات الإدارية المختلفة، وهناك خروقات وأخطاء حدثت وتحدث ولم نصل معها الى نتائج قابلة للحسم، وبقيت معلّقة في الحقيقة!
نقول.. إن المشكلة الرئيسية التي نعاني منها في رياضتنا اليوم ليست في وصول القادة المسؤولين الى سدّة الحكم، بل في تشبّثهم بالكرسي والبقاء في مواقعهم والتخطيط بهدف الاستمرار دون الكشف عن المسيرة وتقييمها من أهل النقد والاختصاص، لا بل إن القيادات في إدارات الأندية والاتحادات يكشفون عن وقائع تعلّقهم بالمناصب من خلال أساليب الاستحواذ على كل شيء، بعيدًا عن منطلق الرياضة نفسه!
وحينما نقول إن قادة الرياضة يحاولون عبثًا الامساك بكل مقدرات رياضتنا عقب فوزهم، فأننا نعني تحديدًا بسط سيطرتهم ونفوذهم والتغلغل في كل دوائر الحركة الرياضية بهدف البقاء أربعة أعوام، والتخطيط لأبعد من تلك الفترة الزمنية، ويشكّلون فريق عمل هدفه القضاء على المعارضين وإبعاد المناهضين وقطع الطريق على المنافسين!
أعوام.. وأعوام مضت على الاستمرار في ذات النهج، دون أن نجد استثناء ايجابيًا يظهر لنا الى الواجهة، بل إن العمل الرياضي أصبح واجهة لمماليك يقضون على الرياضة بمقابل استغلالهم لكل مقدرات العمل الرياضي!
وهنا نسأل.. ألم يكن حريًا بقادة الرياضة أن يفكّروا ويخططوا في كيفية تطوير العمل الرياضي أو كيفية الحصول على المنجز المهمل أصلًا من سجّلات وأجندة دوائر العمل الرياضي طيلة الأعوام المنصرمة، مثلما أسأل هل كانت كل تلك الأموال التي صرفت وهي بمليارات الدولارات على الرياضة والرياضيين نقمة على ما تحقق من تراجع خطير وتدهور واضح قتلت مواهب وابطال معها وركنت من كان يمكن لو تصقل موهبته جانبًا بسبب الأنانية واللامبالاة والتزمّت بالخطأ وتكراره من قبل قادة الرياضة أنفسهم؟
لا أريد أن اذكر أسماء تكرّرت كثيرًا حتى لا تُحسب العملية تسقيطية، أكثر من كونها تقويمية، ولكن "رحم الله أمرئ عرف قدر نفسه" ويكفي أن رياضتنا عاشت اتعس فترات عملها بالطريقة الخاطئة، إداريًا وفنيًا وحتى من حيث اجندات الفساد الواقعة في كل الدوائر بدءا من وزارة الشباب والرياضة وصولًا الى اللجنة الأولمبية واتحاداتها الرياضية والأندية، وحتى تلك المشاريع التي أنجزت من ملاعب وقاعات مغلقة، والتي فيها من السرقات ما يكفي لبناء مدن رياضية، وليست منشآت مفردة هنا وهناك!
في رأينا الشخصي، أن رياضتنا ستبقى تعاني وتعاني من تواجدها في هذا النفق المظلم الذي هي فيه الآن، ما لم تتم عملية تغيير الأوضاع والأحوال جذريًا، بتغيير كل شيء، لكون من يتواجد (عشعش) ولن يغادر وَكرَهُ، على اعتبار أن الرياضة أضحت بيت المستغلّين والمستفيدين والمتسلّقين، وليست بيتًا لأصحاب الانجاز والابطال المُتَوَجين، بعد أن قتلتهم العملية الرياضية نفسها!
يقول أحدهم: "رياضتيش عدنا بالبلد" وانا أقول: الرياضة مفلسة، فقيرة، ذهبت ضحية قوانينها وهي ما تزال تحبو والسبب قادة الرياضة أنفسهم من اولئك الذين استغلوا كل شيء لصالحهم وتركوا الرياضة عرجاء بلا سند أو مأوى، رياضتنا تواسي نفسها ولن تنهض في ظلّ وجود هكذا وجوه!