إياد الصالحي
خرج فريق الشرطة ممثلنا الآسيوي من منافسات دوري أبطال آسيا التي تضيفها العاصمة القطرية الدوحة بنتيجة تعد قياسية مقارنة بمشاركاتنا السابقة ضمن المسابقة ذاتها التي يشرف عليها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بما يؤكد حجم الاهتمام الكبير الذي بذلته إدارة نادي الشرطة مع الملاك التدريبي الكُفء وهو مؤشّر جديد على أن مستوى التمثيل آخذُ بالتصاعد والاطمئنان لمزاحمة الفرق المتقدمة في القارة مستقبلاً.
لا يمكن أن نلقي كلماتنا على عواهنها، فيكفي أن متصدر المجموعة الأولى الأهلي السعودي دخل مرماه ست كرات وتوّج أداءه السلبي بهزيمة ليست مفاجأة أمام استقلال طهران بثلاثة اهداف أدّبت لاعبيه كروياً على أن لا يستهينوا بالفرصة الأخيرة عندما يشعرون أنهم تأهّلوا ولا حاجة لبذل مزيد من الجهد!، فكان للخسارة طعم الهوان لدى الجمهور السعودي "خاصة" الذي راح يلوم تقصير اللاعبين والجهاز التدريبي في عدم المحافظة على هيبة الأهلي.
أما استقلال طهران الإيراني، هو الآخر لم يكن بُعبعاً مثل صيته منذ سنين طويلة، فقد خسر مع الأهلي السعودي (1-2) وتعادل مع الشرطة مرّتين بنتيجة (1-1)، وعوض خسارته مع الأهلي لاحقاً بفوز ساحق، وفي كل الأحوال يعتمد على ردّات الفعل من بداية الشوط ويلعب بقتالية شرسة يفترض أن يرسخ تكتيكها عبدالغني شهد في روحية الفريق، بدلاً من عملية جسّ النبض والقلق على خط المنطقة الفنية والتي كشفته كاميرات التلفزة في الملعب أكثر من مرّة، وكان محط انتقاد عديد المحللين سواء في قناة الكاس أم القناة الرياضية السعودية، بعكس بقية المدربين الذين يلجأون الى التفكير العميق على دكة الاحتياط لإيجاد الحلول، درس ينبغي أن يستفيد منه شهد كي ينجح ويقلع عن كشف تفاعله السلبي مع اللاعبين فلذلك مردود سلبي قاهر!
توليفة الشرطة نجحت بقدر منهج الإعداد المتاح لها بعد سبات طويل نتيجة الجائحة اللعينة التي منعت تواصل اللاعبين في معسكر مشترك ينهي التدريب عن بُعد، وكما هو معلوم مدى فائدة قُرب المدرب من لاعبيه لاستقراء الدافعية والقدرة البدنية لدى أدواته، فكان العنصر اللياقي واحداً من أسباب تقهقر الفريق برمّته امام استقلال طهران في جولة الوداع التي ظهر فيها الجميع مكبّلين وعاجزين وبلا روح خاصة في الشوط الثاني، وكأنهم يأسوا من اللعب، وهذا من أكبر الأخطاء الفنية التي دفعوا ثمنها بتسجيل أمير أرسلان هدف التعادل في الدقيقة 68 ليكمل رفاقه اللعب السهل الممتنع في ساحة الحارس احمد باسل الذي شكّل مع مازن فياض علامة رضا وأمان لمستقبل الفريق كونهما برزا بشكل لافت ومنحا الثقة لزملائهما وكانا العمود الفقري للثبات كلما انهارت بقية أعمدة المراكز.
واقعياً وبلا مغالاة، لم نرَ أي فارق بين محترفي الأهلي واستقلال طهران عن لاعبي الشرطة المحليين، بالعكس لدينا ثقة كبيرة أن فريقنا سيتجاوز النحس القاري في النسخة المقبلة، وهذا يتطلّب دراسة كل النقاط الحاصلة في الدوحة سلباً وإيجابياً مع تحليل أسباب التراجع غير المبرّر أو الخوف من انقلاب النتيجة مثلما حصل مع الاستقلال، القوة والندية والتحدي والرغبة في اللعب الأمامي وتوزيع الكرات والعودة للمدافعة عند المرتدات ثم التمرير السريع في الفراغ كل ذلك عزّز من مقوّمات صمود الشرطة في المباريات الثلاث خلال أسبوع واحد، وهو مؤشّر لافت إذا ما أردنا تنميته ولابد من زيادة معدّل اللعب في الدوري بدلاً من التشكّي من ضغط جدوله.
صراحة إن الشرطة بحاجة الى مدافع محترف على مستوى عالٍ من المهارة والخبرة لتنظيم الخط الخلفي الذي عانى كثيراً من التذبذب وتسبّب بتهديد مرمى باسل لولا يقظته وحرصه على دفع الكرات من أصعب الزوايا، فالفترة المقبلة تتطلّب استقرار الفريق في مشوار الدوري لموسم 2021-2020 بجميع خطوطه وليس صعباً أن يستعيد توازنه من خلال الوحدات التدريبية المكثّفة وتلافي ما حدث في البطولة الآسيوية كونه يمثل فريقاً جماهيرياً يهمّنا مصيره أسوة ببقية الأندية المشاركة من أجل ضمان نجاحات مستمرّة للكرة العراقية في ظلّ وجود الموهوبين الجُدد دعامات الأسود في التحدّيات الاستثنائية.