علي رياح
تستعيد منتخباتنا الكروية إيقاع التحضير والاستعداد لديها ، بدأها منتخب الشباب ثم خطا منتخب الناشئين على ذات المسار ، وقريباً سنشهد التئاما لشمل المنتخب الأول بما ستحمل قائمته من تجديد واجب ومنطقي تفرضه الحقائق وأبرزها أن جيلاً جديداً من الوجوه الواعدة يبرز ولابد أن يأخذ نصيبه من الاهتمام والظهور الدولي ،
ذلك لأن تمثيل الكرة العراقية ليس حكراً على مجموعة محدودة من النجوم في منتخبنا الأول أو أي منتخب آخر.. في الأمس وكلّما طرحنا أسئلة حول التجديد الواجب لشكل المنتخب ، كانت الإجابة ترد من جيل آخر ينبثق وسط الصعوبات وربّما الحرمان أيضاً ، كي يصنع حكايات أخرى للتألق والإنجاز لم نألفها من قبل!
هذا هو السرّ الكامن في بقاء الكرة العراقية خلال سبعة عقود من عُمر الزمن ..صحيح أن هنالك منحنيات أفضتْ بنا إلى الفشل أو حتى الانكسار في كثير من الأعوام المُجدبة .. لكن الصحيح أيضاً أن تلك العلامات المعتمة كانت تمهّد لواقع جديد تخرج به الكرة العراقية بأنديتها ومنتخباتها إلى فضاء الإنجاز .. وما يسري على كرتنا وفق هذا الوصف ، جرى ويجري على دول عريقة تتمتّع بمكانة مهمة في عالم الساحرة المستديرة .. لكن التحوّل من واقع متردٍّ إلى آخر مُشرق كان يقتضي فتح الأبواب كلها أمام المواهب كي تأخذ دورها في التعبير عن ذاتها ، وبالتالي إيصالنا إلى ما نريد من إنجازات وألقاب.
ما نريد الإشارة إليه ، والتأكيد عليه في هذا المقام ، أن فجراً جديداً لمواهب الكرة العراقية يبزُغ الآن ، في البراعم والأشبال والناشئين والشباب .. لا نتحدّث مطلقاً عن الأرقام والإنجازات وكم منها تحقّق وأي منها لم يُنجز .. بل نشدّد على هذه المواهب التي ترسِم أمامنا أفقاً جديداً لا علاقة بما وصلت إليه أحوال بعض ولا أقول كل اللاعبين (الأسماء) الذين باتوا ينظرون إلى الأشياء من فوق ، فلا يعجبهم العجب ، ولا تردعهم كلمة نقد منصفة ، ولا يتنازلون عن قناعاتهم المزمنة بأن الله خلقهم ولم يخلق غيرهم من اللاعبين ..
لهذا فإن جيلاً واعداً صاعداً في ملاعبنا هو - دوماً - الضمانة الوحيدة لتحقيق أكثر من غاية .. أولى الغايات رد الوعي إلى قلّة من النجوم التي لم تعد تصلح للعب مع المنتخب وحتى مع الأندية ، ودق جرس الإنذار لهم بأن مواقعهم التي يتصوّرونها (مُحصّنة) باتت عرضة للتغيير ، وهو تغيير قادم ولا شك .. وثاني الغايات ، وهي الأهم ، تجديد المنتخب العراقي الأول ، باستمرار ، بما يلزم من كفاءات وقدرات في أماكن اللعب المختلفة .. وهو تغيير منطقي في كرة القدم ، إذ لم نعرف فريقاً واحداً في الدنيا احتفظ بنجومه إلى الأبد .. فجيل اليوم ورث نجوم الأمس .. وستأتي اللحظة التي يُسلّم فيها لاعبو اليوم زمام النجومية إلى الجيل الذي يليهم!
هكذا تستقيم الأمور .. علينا أن نشجّع كل محاولة للتغيير المتدرِّج الموضوعي ، بضخ الدماء الواعدة ، من الأشبال والناشئين والشباب وفق علاقة ترابطية لا تنفصم فيها حلقة واحدة بين هذه المنتخبات .. فذلك أسلم وأجدى وأنفع من الركون إلى ذات الأسماء في كل الأوقات!