عمــار ســاطع
بعيداً عن لغة التهكّم أو البحث عن التُهم التي قد توجّه الى إدارات الأندية الرياضية من تلك التي تملك فرقاً كروية تلعب في منافسات الدوري الممتاز للموسم الجديد،
فإن تناقضات برزت منذ أن حدّدت لجنة المسابقات موعد انطلاق النسخة الجديدة للدوري، هذا الى جانب المقارنة التي عاشتها الأندية من أزمة مالية خانقة وصلت الى حدّ الاقتراض والتعامل بالآجل مالياً لتسديد مستحقات اللاعبين والكوادر التدريبية وإطفاء الديون المُسجلة والمتأخرة، وكذلك العقود المتأخرة منذ أعوام والتي وصلت ملفاتها الى المحاكم الخارجية، الأمر الذي عرّض نحو 16 نادياً للدخول في معترك التراخيص، مقابل الأموال المتأخّرة التي قد تصبّ في صالح المعترضين أو المشتكين المطالبين بحقوقهم!
وبينما تبحث الأندية الـ 16 على منفذ للخروج من المأزق الخطير، فإن تلك الأندية واصلت مساعيها بهدف إعداد فرقها بأفضل مراحل التحضير للموسم الجديد الذي ينطلق في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، من خلال معسكرات خارجية وأخرى داخلية الى جانب تعاقدها مع كبرى شركات التجهيزات الرياضية والتعاقد مع أجهزة فنية ولاعبين محترفين وآخرين من الأسماء الدولية أو حتى تلك الأسماء التي ستجد طريقها صوب الدولية، من أجل الظهور على نحو أكمل وأجمل من المستوى الفني والنتائج، بينما هي ما تزال تواجه الأزمة المالية التي أضحت شمّاعة تتعكّز عليها، في وقت لم تفِ بالتزاماتها المالية مع لاعبين ومدرّبين سابقين تعاقدت معهم منذ مواسم مضتْ ولم تسدّد رواتبهم وعقودهم بالشكل الصحيح.
قضية شائكة ومفصلية مُحيّرة حقاً أن تعيش إدارات الأندية في حالٍ يرثى لها من جهة، اقتربت الكثير منها الى إعلان إفلاسها، أو أن تتعامل أغلبها بالدَيْنِ لتمشية أمورها، واعتماد العديد منها على التخصيصات المالية أو ربما الانضمام الى جهات حكومية بهدف التخلّص من الضغوطات والأزمة الخانقة التي تعاني منها، ومن جانب آخر، باتت الفرق تمضي بتحضيراتها وفقاً لما خطّطت له مع كوادرها التدريبية لِتُقيم معسكرات في مصر وتركيا وإيران ولبنان وغيرها من الدول وتخوض مباريات تجريبية لمعرفة وضع الفرق قبل البدء بانطلاق منافسات الموسم الجديد، وتتناسى أنها غارقة في أزمة مالية قانونية خطيرة منذ مدة ليست بالقصيرة، فكيف سيكون واقع الأندية في الأيام المقبلة؟!
سؤال يطرح نفسه في ظل حالة التباين التي تجتاح إدارات الأندية الرياضية من تلك التي تتأهب فرقها لدخول معترك النسخة الـ 45 لمسابقة الدوري الكروي الجديد، غير أن الافتراض الذي أتحدّث عنه في الجانب الآخر، هو بروز ظاهرة التعاقدات حتى لدى الفرق التي ستدخل بعد حين في مسابقة دوري الدرجة الأولى أو بما يُعرف بدوري (المظاليم) من جهة، ومن جهة أخرى الانفتاح الذي تعيشه أندية لم يكن لها أي شأن في بحر السنوات العشر المنصرمة، إذ نشاهد كل يوم وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ظهور صور التعاقد مع مدربين ولاعبين مع فرق مغمورة تنتمي الى أقضية ونواحي مراكز مُدن لمحافظات كانت حتى وقت قريب تعاني الأمرين وتواجه مصير الإفلاس وتتحدّى الأحوال بسبب الضائقة أو لافتقارها أبسط مقوّمات العمل الرياضي الفعلي، فماذا حصل؟!
قد يكون السؤال متأخّراً، لكنه يجب أن يُسأَل أو يطرح، أي ثورة وضجّة تحدث من حولنا وسط غليان الجائحة التي اجتاحت البلاد.. وأيُ اهتمام يُظهر اليوم في الأندية بفرقها الكروية تحديداً.. حتى إن عدد الأندية ببطولة الكأس في النسخة الجديدة وصل الى الرقم 96 نادياً سيشارك، بل أن نصف هذا العدد لم يكن متواجداً أيام الدعم والاهتمام والتخصيصات والاستقرار؟!
قضية شائكة ومُحيّرة أن يتحوّل بالمشاركة الاختيارية الى ثورة إلزامية للظهور على الساحة الرياضية عبر مسابقة وسط التخبّطات التي تعيشها إدارات الأندية الرياضية؟!
تفسيرات عديدة، ومبرّرات قد يكون أكثرها غير مُقنع إلينا، لكنّه واقع جديد علينا أن نتقبّله أولاً، وأن نتعايش معه ثانياً!