TOP

جريدة المدى > عام > حمى البحث عن هاروكي موراكامي

حمى البحث عن هاروكي موراكامي

نشر في: 24 أكتوبر, 2020: 06:00 م

كتابة / بيتر بوبهام

ترجمة / أحمد فاضل

عادت حمى هاري بوتر مرة أخرى هذا الأسبوع ، حيث ظلت المكتبة الشهيرة فويلز في إنكلترا مفتوحة طوال الليل لبيع آخر مغامراته ،

 

كما توقعت المكتبات في جميع أنحاء البلاد اندفاعاً شبيهاً برواية الكاتب الياباني هاروكي موراكامي " عديم اللون " ، حيث سجلت مبيعاتها ارتفاعاً كبيراً بلغت أكثر من مليون نسخة في أسبوع واحد ، لكن المقارنات تبقى مضللة ، موراكامي لا يشبه جي كي رولينغ ، إنه كبير مثل دان براون ولا يخفي جمهوره حبهم له . 

في روايته الجديدة نجد بطل موراكامي يشبه إلى حد كبير كل أبطال رواياته السابقة ، كتب في الفصل الأول منها :

" كان الأمر كما لو كان يسير نائماً خلال حياته ، أو كما لو كان قد مات بالفعل ولكنه لم يلاحظ ذلك بعد ، عندما تشرق الشمس ، كان تسوكورو كذلك يغسل أسنانه ، ويرتدي أياً من ملابسه الموجودة تحت متناول يده ... يتحدث فقط إلى الناس عند الضرورة ، وبعد المدرسة كان يعود إلى شقته المنفردة ، ويجلس على الأرض ، ويستلقي على ظهره مقابل الحائط ، يتأمل الموت وفشل حياته " ... 

سردية الرواية تبدو رمادية مثل بطلها ، ثم تحدث الأشياء ، أشياء مروعة ، تهاجمه الطيور بمناقير حادة حتى يصبح لحمه ممزقاً بطريقة لا يفهمها ، لم يستطع قبولها أو رفضها ، ظل كما هو ، بنبرة صوته الحزين مثل صوت كافكا " .

وُلِد هاروكي موراكامي في كيوتو عام 1949 ، والده ابن كاهن بوذي ، وكانت والدته ابنة تاجر من أوساكا ، قام كلا الوالدين بتدريس الأدب الياباني ، انتقل إلى طوكيو لدراسة الدراما في واسيدا ، إحدى أفضل الجامعات في اليابان ، لكنه قال في سجلات القبول إنه يقرأ الروايات الغربية فقط ، لقد رفض تراثه الأدبي ، وقد ردت المؤسسة الأدبية الأكاديمية اليابانية على أقواله هذه دون أن تتخذ قراراً بإبعاده. 

كشاب ، كان انغماس موراكامي في ثقافة الشباب الشعبية يذكرنا بالكاتب والشاعر الغنائي الإنجليزي نيك هورنبي ، بعد الجامعة كانت وظيفته الأولى العمل في محل تسجيلات مع زوجته يوكو التي التقى بها في واسيدا ، افتتح بعد ذلك باراً لموسيقى الجاز والقهوة يديرانه معاً لعدة سنوات ، ثم بدأ في الكتابة ، كانت رواياته ناجحة منذ البداية ، ومع روايته الثالثة " مطاردة الأغنام البرية نشرت لأول مرة في اليابان عام 1982 " وترجمت إلى الإنجليزية عام 1989 والتي استحوذت على إعجاب القراء ، كان يتحدث فيها عن شاب حزين يعيش في اليابان المعاصرة التي لا تحتوي على أي شيء ياباني حولها ، حيث يواجه ظروفاً غريبة . 

يعكس غيابه عن اليابان وسفره إلى الولايات المتحدة الأميركية بداية لصفحة انتشاره ، سعى إليها بقوة بدعوة من ناشري كتبه ، تغير هذا فجأة بعد الصدمات المزدوجة لزلزال كوبي عام 1995 والهجمات المميتة بغاز السارين على مترو أنفاق طوكيو من قبل طائفة أوم شينريكيو ، فعاد موروكامي إلى وطنه مسرعاً ، وللمرة الأولى كتب كتباً تتعلق بشكل ملموس بأحداث حقيقية ، عمل غير خيالي يتكون من مقابلات مع ناجين من هجمات الغاز ، وكتاب قصص عن المشاعر الجماعية الناتجة عن الزلزال ، ولكن إذا كانت هذه الأعمال تشير إلى أن موراكامي كان ينتقل إلى روايات " اجتماعية " أكثر شيوعاً ، فقد عاد منذ ذلك الحين إلى المجالات الغامضة والسريالية التي تعتبر منطقته المفضلة ، واستمرت شهرته في التصاعد حيث 1أصدر روايته 1Q84 والتي تألفت من ثلاثة مجلدات عام 2009 ويمكن إرجاع إنتاجية موراكامي المتصاعدة إلى نهجه المنضبط والمنهجي ، فهو يعمل كل صباح ويسعى إلى النوم بحلول الساعة 9 مساءً كل ليلة ، والذي خصص أياماً محددة كل عام لكتابة أعماله الجديدة .

لكن ما سر نجاحه العالمي ؟ يقول مترجمه الأول ، ألفريد بيرنباوم ،

المسؤول عن نسخ كتبه الإنكليزية :

" إن جزءاً من شعبيته تعود لرواياته التي ابتعد فيها عن اليابان " ، لكن آخرين يجدون شيئاً يابانياً مؤلماً في غياب أي ثقافة يابانية علنية في عمله ، مما يعكس حقيقة أن انتصار الثقافة الغربية قد اكتمل الآن في اليابان المعاصرة ، لكن موراكامي يعرف أن الثقافة اليابانية الآن لا يمكن إنقاذها ، لكنه يعلم أيضاً أن شيئاً ما قد فقد ، حيث قال في عام 1990 :

" شيء ما قد تلاشى في هذه السنوات الخمس والعشرين ، نوع من المثالية ، لقد اختفى والنتيجة هو هذا الفراغ الذي يتقاسمه جميع أبطاله ، وكما قال الناقد سيليست لوغمان: " لا المادية نفسها ولا تفضيل الثقافة الشعبية الغربية هما المشكلة ، المشكلة في الفراغ الذي أشار له موراكامي ، هو هذا كل ما في الأمر " . 

هذه هي الرؤى التي تلمع من خلال نصوصه والتي تفسر سبب عدم كونها محبطة نهائية ، ولكنها على العكس مبهجة ويابانية بشكل مكثف .

عن / صحيفة الإندبندنت البريطانية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بمناسبة مرور ستة عقود على رحيل الشاعر بدر شاكر السياب

وجهة نظر.. بوابة عشتار: رمز مفقود يحتاج إلى إحياء

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

أربع شخصيات من تاريخ العراق.. جديد الباحث واثق الجلبي

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

فيلم
عام

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

ترجمة: عدوية الهلالييعرض حاليا في دور السينما الفرنسية فيلم "الجدار الرابع" للمخرج ديفيد أولهوفن والمقتبس من الكتاب الجميل للصحفي والكاتب سورج شالاندون - والذي يجمع بين حب المسرح والعيش في مناطق الحرب في لبنان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram