علي حسين
كنا قبل أن يخرج شباب العراق عام 2011 في تظاهرات جعلت المالكي يصرخ "فقاعات" ، نشعر بالخجل حين نرى شعوبًا تُغيّر مصائرها عبر احتجاجات سلمية ومنظمة، بينما أُريد لنا أن نجلس على قارعة الطريق ننتظر مصيرنا من دون أمل في الخلاص؟ أعرف أن البعض سيتهمني بالعبث وهو يقول ساخرًا:
عن أية مظاهرات تتحدث ألا ترى أن التظاهرات بيعت؟، السؤال عبثي ولن يقدّم أو يؤخّر، لكنّ رؤية متظاهري تشرين وهم يمارسون فعل التغيير، بينما نحن منشغلون بحوار بيزنطي أمر يثير الضحك.
في العام الماضي وقبله بأعوام أُثير كل هذا العنف والكره ضد شباب ساحات الاحتجاج، وكانت الناس تسأل: لماذا تخاف أحزاب تملك المال والسلاح من شباب لا يملكون سوى شعار "نريد وطن"؟ كانوا ولا يزالون يخافون من شباب التظاهرات، إلى حد تشغيل ماكينة التخوين والشتائم ضدهم بكل طاقتها، فعندما يشكك مسؤولون كبار بوطنية المتظاهرين، وعندما تنشر صفحات ممولة صورًا تحرض وتطعن في شعارات احتجاجية لم تدع للطائفية ولا للسرقة التي مورست خلال السبعة عشر عامًا الماضية، ولم تحرض ضد الوطن، وإنما كان هدفها وغايتها كشف الفاسدين ومحاسبة المفسدين، فيما آخرون كانوا ينظرون بريبة ساخرة لدعوة الشباب للتظاهر ويعتبرونها واحدة من تلك التقاليع الغربية التي ستؤثر على قدسية مجتمعنا..
لقد كانت احتجاجات تشرين بداية قفزة في قطار التحضر والممارسة السياسية المحترمة ؟ واستطاع شباب العراق أن يجعلوا من احتجاجاتهم لوحة رائعة للمواطنة الحقيقية، والتعبير برقي عن مطالب باتت محل اتفاق جميع شرائح الشعب وأظن أن لجوء الشباب إلى التظاهر في الشارع أمر منطقي للغاية في بلد لديه برلمان صامت،وساسة أداروا ظهورهم للناس ناهيك عن أن سياسيين لا يمثلون الا أنفسهم وربما بعض أقاربهم من الدرجة الأولى، وبالتالي يصبح من حق الشعب أن يمثل نفسه بنفسه، وأزعم أنه لو كانت في العراق أحزاب معارضة حقيقية وفاعلة وموجودة فعلا، لما كان الناس في حاجة إلى نزول الشارع والتظاهر والهتاف ضد عديد من السياسات العمياء التي قادت البلاد إلى مصير مظلم وبائس وليس غريبا أو مفاجئا على الإطلاق أن تخرج أصوات تتهم المتظاهرين بتنفيذ أجندات خاصة.في الوقت الذي كانت فيه بعض القوى السياسية في العراق تتآكل، بعضها يعيش على ذكريات الماضي وبعضها الآخر يبحث عن فرص استثمارية، كانت أجيال جديدة تبحث عن بديل تستظل به للتخلص من ظلم الساسة،وسوء استخدام السلطة.
ايها الشباب لقد كنتم الضوء الذي اندلع من العتمة فخرجتم حاملين المصابيح . ايها الشباب يا من ظلمناكم واعتبرناكم يوما غائبين ومغيبين ومهاجرين بالروح عن الوطن.. نعتذر لكم جميعا ونحييكم، ونقول لكم ان عمنا جواد سليم سيظل ملجأ آمنا لاحلامكم الوطنية .