TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بايدن الأيرلندي وعمر الأنباري

العمود الثامن: بايدن الأيرلندي وعمر الأنباري

نشر في: 8 نوفمبر, 2020: 08:51 م

 علي حسين

ضحكت وأنا اقرأ برقيات التهنئة التي أرسلها بعض السياسيين العراقيين يهنئون السيد جو بايدن، ويحاولون أن يخبّئوا شعار "أمريكا بره بره" في أحد الأدراج، ونسوا أن هذا هو بايدن نفسه الذي هاجموه عام 2014، أيام كان نائبًا للرئيس أوباما، وطالبوه بالكف عن دس أنفه في شؤون البلاد والعباد.

كنت أتمنى على سياسيينا، وهم فرحين بتولي بايدن رئاسة أمريكا، أن يواجهوه بالحقائق وأن يقولوا له إن العراق لم يعد يتحمل أن يكون حقل تجارب، وإن العراقيين لم يعودوا يقتنعون بحفلات تنكرية لتنصيب أوصياء ومتسلطين.. فالناس لا تريد استبدال نظام دكتاتوري تخلصت منه عام 2003 بمساعدة أمريكا بنظام فاشل يتخذ من الديمقراطية ستارًا وبدعم من أمريكا أيضًا.

يدرك العراقيون جميعًا أن بلادهم تعيش المرحلة الأخطر، وأن العديد من ساستنا يسعون إلى فصم عرى البلاد وتفريقها شيعًا وأشياعًا، حتى أن البعض صار يعتبر وجود مواطن عراقي من أهل الأنبار في البصرة مؤامرة على الأحزاب الشيعية، تخيل جنابك متظاهر يقتل برصاص القوات الأمنية، وبدلًا من أن نستنكر جريمة قتله نتساءل: ماذا يفعل في البصرة وهو في الأصل من الأنبار؟.

الشاب عمر فاضل الذي خرج مع زملاء له للاحتجاج على الفساد والانتهازية السياسية، دفع حياته ثمنًا لحالة من التوحش البشري، ولم تنته القضية عند هذه النقطة، فكان لا بد من البحث عن سجل نفوسه لنكتشف حقيقة "المؤامرة"، أن أصوله من الأنبار، ولم يشفع له أن والده تزوج من امرأة من البصرة وأن عمر من مواليد البصرة.. ففي أعرافنا الطائفية لا يحق لمواطن عراقي أن يعيش في محافظة لا تنتمي إلى مكونه الطائفي.

بالأمس فازت كامالا هاريسة بمنصب نائب الرئيس بايدن ولم يعترض أحد لأن أصولها هندية، ولم يسأل احد في امريكا كيف يصبح جو بايدن رئيسا وهو من اصول ايرلندية وقد جاء هنري كسينجر إلى أميركا صبيًا ولم يصبح مواطنًا أميركيًا، إلا بعد أن بلغ الثامنة عشرة من عمره، لكنّ هذا لم يمنع البيت الأبيض من أن يسلّم مفاتيح سياسته الخارجية بيد هذا الألماني القصير القامة، ولا أريد أن أُذكّر جنابكم الكريم بأن الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي ابن مهاجر من المجر، ولم تقم قائمة الإعلام ولا الفضائيات حين قالت الحاجة الكينية سارة عمر، جدة الرئيس السابق أوباما: اللّهم أدخل حفيدي أوباما الإسلام. وقد جعلت فرنسا رشيدة داتي وزيرة للعدل من دون أن تسألها لماذا ولدت في المغرب.

لقد ألغت الأنظمة الحديثة الحدود الجغرافية، وأصبح البحث عن الأصول اختراعًا عراقيًا بامتياز، حُرم مئات الآلاف من العراقيين من حقوق المواطنة وهُجّروا وبيعت ممتلكاتهم، لأنّ القائد الضرورة كان يشك في أصولهم!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram