ناجي رحيم
إلى صلاح فائق
عملاً بنصيحةِ أحد أجدادي
رزمتُ عمري جيّدا وهمتُ على وجهي،
من أمامي بحرُ الشمال
ومن خلفي بيتٌ خاوٍ،
في كلّ خطوةٍ أرمي ورقة
ولأني قطعتُ ما لا أعرفُ من كيلومترات
امتلأتِ المدينةُ بنثاري،
وصلتُ البحرَ،
رائقاً كان يسبحُ تحت الشمس،
أعراسٌ، كائناتٌ في نشوةٍ تـتداعك،
حدائقُ من موسيقى،
ولائمُ من مرحٍ طازَجٍ تصخبُ في حضنِ البحر،
أمعنتُ وتمْتَمتُ بخشوع:
هنا على هذا الرّملِ لي ما يكفي من دعاماتٍ
لترميمِ رفوف العمر،
لم يمضِ كثيرٌ من الوقتِ
وإذا بحشدٍ من الزفرات يتلوّى في حنجرتي ويفحُّ،
خجلاً من جَلالِ المشهدِ
زرعتُ أصابعي تحت الرملِ
ونفثتُ رزمةً من أوراق
الدّنيا في شُغلٍ عنّي،
أحدٌ لم ينتبه لأبي الهول الهاطلِ من رأسي،
أزحتُ نظراتي عن عيني
وأشحتُ بعيداعن وميضٍ يتساءل:
مَنْ تُرى هذا النشاز؟
مَنْ تُرى هذا النشاز؟
بيقينٍ أعرجَ تلمّستُ بقيّةَ أوراقي
وسمعتُها في خاصرتي تنبضُ،
كأنّي في "ساحة عرضات"
في عصورٍ ميّتةٍ
ما زالت واقفةً تلمعُ في رأسي،
"بصطالي" ممتلئٌ بالرّملِ
وجيوبي منتفخة بالعطنِ ،
انسحبتُ على مهلٍ مُتعثّرا بين الأمواج،
تسلّقتُ عنقَ الشارعِ، أمسكتُ به بأظافري وأنا أتناثرُعن شتائمَ
بكلّ لُغاتِ الأرض ..