علي حسين
منذ أعوام تراودني، مثل معظم العراقيين، أحلام اليقظة، ومثل كثير من الأحلام تتحول إلى خيبات، وأحيانا كثيرة إلى كوابيس. منذ اليوم الأول للتغيير عام 2003 حلمت بسياسيين مثل مانديلا وغاندي ولي كوان، ساسة يتحرّرون من أحقادهم، ومن كوابيس الماضي،
ولم أكن أدري أنّ تضحيات المواطن العراقي ستنتهي إلى تشكيل هيئة للمصالحة يقودها سياسي يعيش في القرن الأول للهجرة! ولهذا وفي لحظة يأس التجأتُ إلى أحلام يقظة متشرد سويسري اسمه جان جاك روسو، قادته كتبه إلى تعليم البشرية معنى العدالة الإنسانية، وقيمة الحرية والنضال من أجل نصرة الإنسان لأخيه الإنسان، وفي الأسابيع الأخيرة قررتُ أن ألغي الأحلام من حياتي لكثرة ما شاهدتُ في الفضائيات من برامج تروّج لمنظمة الضحك على المواطن ، وكان آخرها، اللقاء الذي أجري مع السيد أحمد الملا طلال. وأنا أنصت للحوار، سألت نفسي أين قرأت مثل هذه العبارات المنمّقة عن العدالة والقانون والسلاح بيد الدولة.. وقبل أن أجد الجواب لاحت لي صورة أحمد الملا طلال في حديث سابق، وهو يبشرنا بأن الدولة ألقت القبض على قتلة المتظاهرين وأنها ستفتح ملفات الفساد .. هل انتهت الأمور عند هذا الحد؟ لا ياعزيزي أتمنى عليك أن تمسك الريموت كونترول، وستجد أنّ السيد أحمد الملا طلال يخبرنا أن المشكلة ليست مع حيتان الفساد ، ولا في إفلاس الدولة، ولكن في أثاث مجلس الوزراء والقمة العربية الذي تمت سرقته، والـ 500 سيارة التي سرقت من القصر الرئاسي.. هل يعقل أننا نعيش في دولة سوية؟ أترك الجواب لحضراتكم.
ممن أراد نيلسون مانديلا أن يحمي بلاده؟ أراد أن يحميها من ضغائن النفس. يقول دي كليرك آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا: لقد ضبط العم مانديلا في نفوسنا جميعًا غريزة العنف والكراهية.
ولأننا نتذكر رمز التسامح والمحبة مانديلا في اليوم العالمي للتسامح فإن الاعتذار واجبٌ لكل مواطن عراقي تعرض للظلم والإقصاء وللخديعة .
كلما كتبت عن تجارب الأمم وقصص الشعوب، أجد في اليوم التالي من يعاتبني، لأنني أترك هموم هذه البلاد، وأنباء معركة كسر العظم بين ابو مازن والحلبوسي، وآخر تغريدات الزعيمة إرادة، ولأن ما يجري في هذه البلاد العجيبة ليس من اختراعي، وتقلبات الساسة وأهواءهم خارج همومي، ومع ذلك فان البعض يعتبر ما يجري حولنا مجرد وجهات نظر لا تعني هذا الشعب المطلوب منه دومًا أن يحافظ على حياة الساسة لأنها ثمينة ونادرة.
سوف أترك الكلام لرئيس الاورغواي الاسبق خوزيه موخيكا : "إن المسؤول ليس ملكًا ولا هو إله ولاهو ساحر القبيلة.. إنه موظف حكومي وأعتقد أن أفضل طريقة للعيش هي أن يعيش المرء مثل أكثرية أبناء الشعب الذين نحاول أن نخدمهم ونمثلهم".
جميع التعليقات 1
Khalid muften
هروب القتلة وعدم كشف الجهة التي هربتهم مع وجود اكثر من مليون رجل امن يثير السخرية والامتعاض لحكومة خائفة وفاشلة .