اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: النسخة العبعوبية

العمود الثامن: النسخة العبعوبية

نشر في: 21 نوفمبر, 2020: 09:09 م

 علي حسين 

كنت أنوي أن أخصص عمود اليوم للحديث عن فيروز وهي تدخل عامها الخامس والثمانين، المطربة التي غنت للعشق وللهوى وللأوطان والتي لم تكن مغنية فقط، بل فنانة تدرك أن الفن جزء من نضال لا يموت، يستمر ليهز وجدان الناس ومشاعرهم، إلا أن الخراب الذي يحيط بنا من كل جانب وتعنت الساسة وعنجهيتهم، وضحك المسؤول على مآسي الناس، كل ذلك يجعلني أعتذر من صاحبة "رجعت الشتوية" لأن بوادر شتويتنا أغرقت بغداد والمحافظات. 

خلال سبعة عشر عامًا أضاع علينا "المجاهدون" أهم ثروات هذه البلاد، المال والقانون، وأغرقونا بشعارات وخطب ومعلقات عن الامبريالية التي تقف حجر عثرة في اصلاح مجاري العاصمة ، وعن الصهيونية التي تصر ان تبقى شوارع العاصمة مكبا للنفايات ، اليوم من حق المواطن وهو ينظر إلى مشاهد الخراب أن يتساءل: ماذا فعل السادة المسؤولين بمئات المليارات التي حصلوا عليها، من أموال النفط؟ أين ذهب أكثر من تريليون دولار من واردات النفط ؟، يقولون إن مصاريف الرئاسات الثلاث تتجاوز التريليون دينار، فيما يعيش أكثر من 40 بالمئة من الشعب تحت خط الفقر.. قبل أشهر استفزني كتاب للمعماري موفق الطائي "بغداد جنة مع وقف التنفيذ"، خصوصًا أن الرجل يتحدث بالوثائق عن المشاريع التي قدمتها خيرة العقول العراقية لتطوير بغداد، لكنها حوصرت بعقوق سياسييها الذين يكرهون بغداد!.

منذ أن عاد موفق الطائي إلى بغداد عام 1947 من زمالة دراسية في بريطانيا، قرر أن يفعل شيئًا عظيمًا لـ بغداد، رافعًا شعار: فلندعها تزدهر. كان موفق الطائي وفيًا لأساتذته الكبار، محمد مكية ورفعت الجادرجي ومعهم الجيل العملاق، قحطان المدفعي وإحسان شيرزاد، ومعاذ الآلوسي وإحسان فتحي ومحب الدين الطائي ونوري محمد رضا وهشام المدفعي، ونزار علي جودة وقحطان عوني وسعيد علي مظلوم، وعبد الله إحسان كامل، ومعهم العشرات يملؤون بغداد ومدن العراق، بحضورهم وصخبهم، لم يبق اسم "لامع" إلا وأراد أن يضمّ إلى سيرته، منجزًا يقدمه إلى بغداد. في كتابه يوجه موفق الطائي نداءً صادقًا "حافظوا على بغداد" حيث يطلب منا أن لا ننسى وصية معلمه محمد مكية التي كتبها قبل وفاته بأيام "استمعوا إلى بغداد.. أصغوا إلى صوتها كثيرًا.. ستكتشفونه في حركة الشجر والنخيل.. في دفق ماء النهر.. في الضحكات الصافية.. تأملوا لونها.. تجدونه في الطابوق.. في الخشب.. في زرقة الماء.. في سمرة الأهل".

ذات يوم كانت بغداد منارة، تتلاقى فيها الحضارات وتتنافس عليها الأحلام والآمال.. ذلك عصر كان منظروه يريدون لبغداد أن تكون مدينة متعايشة، متسامحة، والأهم مدينة بعبق بألوان الفرح والحياة ، ولم يكن يدور بخلد هؤلاء أن تتحول المدينة إلى خرائب تغرق بسبب غياب " خالد الذكر" نعيم عبعوب !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    اذا اراد الله ان يمتحن مدينة..يتزل عليها مطرا..فاذا كانت مدينة عامرة نجحت بالامتحان..واذا مدينة مهملة فشلت بالامتحان.. فماذا نقول عن بغداد بعد اول يوم ممطر ؟؟ انها قطعا مدينة فاشلة بسبب من توالوا على ادارتها. الاستشار ي محمود الجبوري

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

 علي حسين تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب " البطران " هو الاجتماع الأخير الذي عقده الإطار التنسيقي ، وفيه أصدر أمراً " حاسما "...
علي حسين

قناطر: الجامعة العراقية وفخرية الدكتوراه لضياء العزاوي من لندن

طالب عبد العزيز تنهدم البلدان بتخليها عن تقاليد شعوبها، وقد أثبتت التجارب في المجتمعات العريقة المحتفظة بتقاليدها أنَّ ذلك هو الصواب. ولسنا في وارد الحديث عن التقاليد، أيِّ تقاليد إنما ما هو حياتيٌّ، ونبيلٌ،...
طالب عبد العزيز

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

د. اسامة شهاب حمد الجعفري يحتل قانون الاحوال الشخصية في حياة الفرد مركزا حساساً لارتباطه ارتباطاً وثيقاً بتنظيم حياته الاسرية وتعلقه بمعتقدات الفرد ومركزه الاجتماعي. فمن الطبيعي جداً ان تتجاذبه الاراء خاصة وانه اضاف...
د. اسامة شهاب حمد الجعفري

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

د. طلال ناظم الزهيري في عالم محكوم بالصراع والتنافس، تظهر مفاهيم وممارسات جديدة تقود هذا التنافس وتتحكم في إيقاعه لصالح طرف أو آخر. واليوم، ومع المد الجارف لمواقع التواصل الاجتماعي ودورها المؤثر في تشكيل...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram