TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الفتى الذهبي

العمود الثامن: الفتى الذهبي

نشر في: 25 نوفمبر, 2020: 09:34 م

 علي حسين

عندما كتب إدوارد غاليانو كتابه "كرة القدم بين الشمس والظلّ" كانت العبارة التي أصرّ على وضعها على الغلاف تقول: "إنّ كرة القدم هي مرآة العالم، تقدم ألف حكاية وحكاية فيها المجد والاستغلال والحب والبؤس، وفيها يتبدّى الصراع بين الحرية والخوف ونحن في أوج ديانة السوق،

كرة القدم باتت تخضع لقوانين السوق، يلعب اللاعبون من أجل الربح أو لمنع خصومهم من الربح، فيما يظهرون بين الناس كمن يجعل الوهم ممكنًا"، ومن حكايات كرة القدم حكاية الفتى الذهبي الذي أصبح ذات يوم أفضل من لمس كرة القدم عبر تاريخها.

بفضل مارادونا، وقبله بيليه وعشرات غيرهما، أصبحت كرة القدم مرآة لكل شيء في زمننا الحديث هذا، لأنهم يثيرون مشاعر وإعجاب الملايين، فتختلف الجماهير حولهم وتتحزب هكذا ، وتتشاجر، لكن جميع الذين يتخاصمون ويتحزبون يتفقون على ان فتى الكرة الذهبي " مارادونا " أثار من المشاعر والعواطف حول العالم ، وجعل الأرجنتين على لسان الملايين ، أكثر مما فعل سياسيوها على مر عصورها فقد أطل على العالم ساحرًا كرته أمام الشاشات، يفوز عليهم بالجري، ويتفوق عليهم بالخفة ويربح عليهم بمهارة التلاعب. 

من العبث الادعاء بأننا لا نتابع كرة القدم . برغم انشغالنا بمباريات أخرى تجري داخل قاعة مجلس النواب العراقي، وبين متابعة إخفاقات ميسي ونجاحات رونالدو وأهداف المواطن الإنكليزي كين الذي ذكّرني بالممثل العبقري أرسون ويلز وفيلمه الشهير"المواطن كين" حيث يصبح موت شخص واحد، الخبر الأكثر إثارة في العالم، أما موت العشرات وخطفهم وتعذبيهم، فلا مكان له داخل قبة البرلمان العراقي ، وفي الوقت الذي يودع فيه العالم ساحر الكرة ، نعيش نحن مع ساحر آخر يريد ان يوهمنا ان سنواته الثمانية في الحكم كانت الافضل ولولا المؤامرة الدولية ضده لكانت بغداد الان تنافس سنغافورة وطوكيو وبرلين ، لكن يبدو ان العديد من سياسيينا يعانون من تقوّس في الذاكرة يمنعهم احيانا من تذكر ان البلاد تعاني من الافلاس بسبب خطب وشعارات التنمية الوهمية .

قاد مارادونا بلاده الأرجنيتين للفوز على معظم دول العالم، لم نشاهد جيوش العالم بأسلحتها الثقيلة تهتف في الملعب، لكننا شاهدنا كيف تصر بعض العشائر أن تستخدم الأسلحة الثقيلة والهاونات لأن فريقها خسر في " الكوامة العشائرية".

يغيب مارادونا بعد ان ملأ الملاعب وشغل الفضائيات وجال حول العالم وحط في بلاد كاسترو، ويتذكر كيف حاول ان يعلم الرجل الذي خاض معارك في الغابات والجبال كيف يمكنه تسجيل هدف في مرمى الخصم . 

ويبدو ان برلماننا " الموقر" يسعى لتسجيل اهداف في مرمى العراقيين من خلال قوانين " قرقوشية " يتفوق فيها على كل ما حققه الفتى الذهبي في ملاعب كرة القدم . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram