علي حسين
مع كل موعد لفتح صناديق الانتخابات يكتشف العراقيون أن ما جرى ويجري خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل أثر للتغييروبناء مستقبل للبلاد ، ففي كل انتخابات تبدو صورة الصراع " المصلحي " على المناصب والمغانم بالغة الدلالة والإيجاز .
تأمّل العراقيون أن يكون التغيير بوابتهم لتأسيس دولة المواطنة، غير أنهم اكتشفوا بعد سنوات أن الأمور تمضي وكأن الذين يحكموننا يكرهون العراق ويحتقرون المواطن، ويكتشف المواطنون أن ما زرعوه من أصوات في الانتخابات في سبيل استقرار هذا البلد قد قطف ثماره سياسيون بقوة الطائفية والمحسوبية والانتهازية.
جميع الأحزاب والتكتلات الطائفية تمني النفس بالحصول على حصة من مجلس النواب القادم، ولهذا علينا جميعًا أن نرفع شعار "لا"، مرة ومرتين وثلاثًا وعشرًا، لكل "منتفعي الديمقراطية" الذين صدرتهم لنا أمريكا ليتحكموا برقاب العباد.
لنعلنها "لا"، لأن حرية الناس وأمنها واستقرارها تساوي أكثر بكثير من المعروض علينا، من بضاعة سياسية رديئة منتهية الصلاحية.
سنقولها لا ونحن نرى مدننا وشوارعنا وقد غادرها الفرح، بعد اصرار "اشاوس" الاحزاب واعوانهم على أن يلبسوها السواد حزنا، ويمنعوا صوت الفرح فيها.
سنقول لا.. لكي لا تبقى احزب "المنتفعين" تتصدر المشهد السياسي، فتخطف مستقبل البلاد نحو المجهول، فالذين حرضوا ضد شباب التظاهرات، والذين سلحوا العصابات وأطلقوها على المثقفين وأصحاب الرأي، والذين خطفوا مدن العراق من ناسها، لا يزالون يحتفظون بكراسيهم ونفوذهم وأسلحتهم وأعوانهم المتربصين بكل شيء ينبض بالحياة.
علينا أن نقولها "لا" واضحة للحكومة والبرلمان ومجالس المحافظات، لأن مصائر الناس لا يمكن أن تترك لإرادة أفراد يحكمونها ويتحكمون فيها، وهذا هو الفارق بين شعوب تصنع التقدم، وشعوب عاجزة حتى عن العيش بكرامة .
سنقول " لا " لسياسيين ومسؤولين يتباكون كل يوم ، لأن الناس تطالب بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين، وإقصاء كل رموز الفساد، فالعراق لن يصاب بزلزال لو غادر عن حياتنا كل سياسيي الصدفة وأعوانهم .
علينا أن نقول " لا " لكل مرشح فاسد وكذاب وانتهازي ، يريد أن يبيع للناس الآخرة ليحصل هو على الدنيا ومتعها.. علينا أن نقول " لا " ، لكل مسؤول وسياسي دجال يوهم الناس بأنه مبعوث العناية الإلهية لنشر الفضيلة والأخلاق.
علينا جميعًا أن نقول"لا" لكل الذين يريدون الاستخفاف بإرادة الناس حين يطلبون منهم أن يظلوا ساكتين، صامتين، راضين، داعمين لمهرجان الشعوذة المنصوب تحت قبة البرلمان تحت شعارات مضحكة من عينة "دعم العملية السياسية " أو "المطالبة بتعزيز الشراكة الوطنية".
علينا أن ندرك أن الحرية حلمنا جميعًا، وأن الديمقراطية حقٌ يُنتزع، وليس هبة تُمنح أو تمنع، وعلينا أن نقرأ درس الشعوب المنتفضة على أوضاعها.