علاء المفرجي
فاضل ماهود، خريج المدرسة العربية للسينما والتلفزيون القاهرة ، مخرج ومنتج، كان أول عمل له هو فيلم (وطن) ، كانت السينما – كما يرى - هي عالمه الخاص ، والروح حيث أشعر بالنشوة التي تبدأ من الكتابة الى رسم المشهد وبناء الدراما والانتقال الى مواقع التصوير ، حيث عالم آخر من الخيال والسحر والجمال ذلك هو الإحساس عندما نعمل في السينما..
مرة سُئل في مقابلة صحفية عن النص أو الفكرة التي تستهويه، فكانت إجابته، الواثق منها – أكيد الإنسانية ، لذلك تجد جميع أفلامي كان الطابع الإنساني هو الطاغي عليها.
من هنا أتناول فيلمه الوثائقي الأخير (أماني)، وأماني هي (أماني نصار) ذات الـ 20 عاماً، التي قررت تحدي الظروف على كرسيها المتحرك، لتصبح بطلة ضمن منتخب العراق في رياضة رمي القرص والرمح والثقل للمعاقين، بعد أن تعرضت لحادث في عام 2009 أدى إلى بتر ساقيها. الفيلم الذي لم يكن حلم فاضل ماهود السينمائي في أن "يرى الناس واقفة على شباك التذاكر تتزاحم لمشاهدة أفلام سينمائية عراقية، وأن تنزل الكاميرا السينمائية العملاقة للشارع ، وأنا متأكد من أن الناس ستنذهل عند رؤيتها الآن لأنهم لم يروها من قبل ." لأن فيلمه ذو قيمة فنية استثنائية، أو ينافس فيه من أجل جوائز المهرجانات السينمائية، وقد كان يريد إيصال مناشدة إنسانية عظيمة، فقد تفوق (الإنسان) على (الفنان) عند ماهود، ألم يكن جوابه في الفكرة التي تستهويه أن تكون إنسانية.. لقد رأى (أماني) مصادفة في مهرجان ثقافي في الناصرية، ولفتت انتباهه مما دفعه الفضول للتعرف عليها، حينها علم إنها بطلة بارالمبية وهم الأبطال الرياضيون من ذوي الاحتياجات الخاصة ، ولها مشاركات دولية، فقد تعرضت لإصابة مميتة بحادث ارهابي ففقدت ساقيها فقرر أن يصنع من قصتها فيلما وثائقياً ،على أن يكون الهدف منه إجراء عملية زراعة أطراف اصطناعية، وشرعت بالتصوير وبعد مرور ثلاثة أشهر من التصوير، تعرفت على أشهر طبيب اختصاص في جراحة العظام والأطراف الاصطناعية في استراليا (عراقي الاصل) هو الدكتور منجد المدرس..
وخلال اثنين وعشرين دقيقة وهو زمن الفيلم يتابع فاضل ماهود إجراءات معالجتها في بلد تكون فيه هذه المهمة مستحيلة إن لم تكن فاشلة، ويحاول الاتصال بالطبيب الاميركي الذي بتر أطرافها عند إصابتها وتعرضها لحروق كبيرة ثم تسمم أدى الى اضطراره لبتر الساقين لاصابتهما بالعفن (الكنكري) .ثم التواصل مع الطبيب الشاب الذي غادر العراق مرغماً إبان النظام السابق حين فرض عليه قطع أذان وألسن العسكريين أو المناهضين للحكم فسجن حينها بعقوبة من النظام ليغادر الوطن الى استراليا ويتخصص في براءة اختراع ربط الأطراف الصناعية بالنخاع الشوكي والأعصاب والعظام ليكون الطرف الصناعي مقارباً للطبيعي. ثم بعد الاتفاق والفحص وقدوم الطبيب الى العراق .
ولأن العميلة تكلف 100 ألف دولار يقوم ماهود بالاتصال بالمسؤولين، وبعد عناء وجهد كبيرين حصلت الموافقة وصرف المبلغ وتم استقدام الطبيب العراقي الى بغداد من استراليا في مستشفى ابن سينا وأجريت عملية الزرع وتكللت بالنجاح وعادت أماني تمشي على ساقيها وغادرت الكرسي المتحرك".
لم يضع ماهود على فيلمه آمال الحصول على الجوائز، أو ثناء المهتمين في السينما قدر إهتمامه بعودة (أماني) لمنجزها الرياضي، وإتمام المهمة الإنسانية التي نذر لها وقته .
جميع التعليقات 1
Anonymous
شكرا لك استاذ علاء ولإنطباعك وإطرائك الرائعة