TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بعبارة أخرى: أقطاب .. وذيول!

بعبارة أخرى: أقطاب .. وذيول!

نشر في: 14 ديسمبر, 2020: 07:34 م

 علي رياح

هل يتوجب على الصحافة، في كل حين وتحت أي ظرف، أن تنزل إلى مستوى إدراك الناس وأعمالهم ورغباتهم مهما تدنـّت لدى القليل أو الكثير منهم، كي تحظى بالرضا والقبول؟

الصحافة إن فعلت ذلك تحوّلت إلى أداة تزيد التدنّي تدنيا، فتجد نفسها في خاتمة المطاف وقد هبطت بشكلها ومضمونها إلى مستوى ذلك المغني ـ ولا أقول المطرب ـ الذي يردد الجمل الهابطة والكلمات الركيكة تواصلاً وانسجاماً مع ما يريده أصحاب (الأذواق) الرديئة ممن يشكلون فريقاً عريضاً للأسف الشديد ، لكن ذلك لا يعني بالقطع أنه الفريق الذي يمتلك الذائقة!

إنه فريق يتحكّم وفقاً لسياق الاعتياد ، بشباك التذاكر ، لكنه لم يكن في يوم من الأيام مؤشراً حقيقية على سلامة الأداء أو العرض!

الصحافة أداة للبناء حتى لو استباحها محدثو النعمة من أصحاب الأموال ، وشذاذ الآفاق ، ومتصيدو الأرزاق في أوقات الشدة والأزمة وأنصاف الأمّيين ، وهذا الدور يملي عليها ـ حسبما نرى ـ أن تكون لينة حينا وقاسية في أحيان أخرى ، حتى لو جرت كلماتها مجرى مشرط الجرّاح في قلوب الناس .. فالصحفي قد لا يجد غير التناول الصادم يهز به الأفكار والعقول والضمائر قبل أن تستشري الأمراض والأوبئة وقبل أن يصل الحال إلى نقطة اللارجوع واللاحل ..

لهذا ، قد يتهم البعض الصحافة الصريحة الموضوعية بالقسوة ، لكنها ليست كذلك عندنا ، فهي صحافة لا تجري وراء مصلحة ذاتية أو خاصة ، ولا تريد الانتقاص من فكر أو شخص أو مشروع من أجل إعلاء فكر أو شخص أو مشروع مقابل قد يتصور البعض أنها تتبناه ..

على العكس من ذلك نحن على قناعة راسخة بأن الصحفي يجب أن يسعى إلى كشف الحقيقة مهما كلفه ثمن ذلك ، لا أن يجلس على التل انتظاراً لما سيؤول إليه مجرى الأحداث .. إنها مهمة صعبة قد تجد الرفض لدى فئة المصالح الضيقة ، لكنها تجد القبول حتما لدى الناس حين يتأكدون أن إحساسهم الأولي بشعور الصدمة أنفع وأجدى من ترضيتهم بكلمات هابطة فيها الكثير من الزيف والمجاملة!

لهذا ، فان الصحفي قد يكتب ما لا يريده الناس للوهلة الأولى ، في مسعى منه لقول كلمته في أوانها ، لعل الأيام بعد ذلك تثبت سلامة نيته وصدق مفرداته .. وخير للصحفي أن يجد نفسه وقد غادر ميداناً أو موقعاً لأنه لا يستطيع أن يغير قناعاته ، فهو يخلص دوماً للمهنة ولا يتوجب عليه أن يرفع سيفه دوماً للدفاع عن أصحاب الأموال إذا كانت مواقفهم متذبذبة وركيكة ومتبدلة وساذجة ، لا لون لها ولا طعم ، وهنا يجدر بالصحفي أن يحمل قلمه ويرحل صوب محطة أخرى في رحلة مهنية ستنتهي حين يشاء الله!

الصحفي مطالب بأن يكون أداة للتغيير نحو الأحسن .. هو الذي يرسم للجميع بشائر المستقبل .. وهذه ليست مثالية مفرطة منا ، إنما هي الحقيقة حتى لو لم نتمثلها أحيانا في عملنا .. فمن واجب الصحفي أن يسهم في التغيير نحو الأفضل .. ذلك صعب حتماً ولكنه ممكن .. غير أن من المستحيل حتماً أن يتمكن الصحفي من جعل (الذيل) قطباً ولو بكل أقلام الدنيا .. وأموالها!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: اغلقوا النوافذ

العمودالثامن: الكاتب الحقيقي

العمودالثامن: مطاردة الرأي الآخر!!

العمودالثامن: جمهورية قص اللسان

العمودالثامن: طائفي موسوعي

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي على جانب كبير من الظرف والفكاهة، وينقل لنا المؤرخ الراحل خيري العمري أن الملك فيصل الأول طلب من الزهاوي أن يكون على رأس الوفد الذي يستقبل شاعر الهند...
علي حسين

قناديل: يانصيب لنوبل الأدب

 لطفية الدليمي ربّما كان من مصادفات الحظ غير الطيب أن أنغمس في قراءة رواية (الأخوة كارامازوف) لديستويفسكي في الشهر الماضي وبداية الشهر التشريني الذي يشهد إعلان جوائز نوبل السنوية. عندما حاولتُ قراءة رواية...
لطفية الدليمي

قناطر: السحر المستودعُ في (العربي)

طالب عبد العزيز في (المكتبة العلمية) وهي واحدة من أقدم المكتبات في البصرة، والتي يديرها الصديق د. حسين، جلست منتظراً أحد الأصدقاء الكُتبيين، ومن رفٍّ قريب في الواجهة فوجئت بأكثر من عدد لمجلة (العربي)...
طالب عبد العزيز

الشرق الأوسط صراع بين القديم والجديد

إياد العنبر يخبرنا تاريخ الشرق الأوسط، أن هذه المنطقة عصية على التغيير في بنية علاقات دولها الإقليمية عن طريق مشاريع التنمية والشراكات الاقتصادية الاستراتيجية. فهي تصر على أن لا يكون هناك أي تغيير في...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram