TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أحزاب نسخة 2021

العمود الثامن: أحزاب نسخة 2021

نشر في: 9 يناير, 2021: 09:54 م

 علي حسين

ما أن ننتهي من قراءة كتاب ممتع ومؤثر، حتى نتساءل من أين استمدّ الكاتب موضوعه ؟ لسنوات كنت أعتقد أن فلاديمير نابوكوف كاتب مهتم بالنساء وعلاقاتهن، وأن رواياته مجرد حكايات عن العشق ينفخ فيها بأسلوبه ومخيلته.

الآن اكتشفتُ وأنا اقرأ يومياته "تكلمي أيتها الكلمات" أن الرجل الذي عاش ما يقارب الثمانين عاماً، وكتب الكثير من الروايات، أن صاحب "لوليتا" كان يدرك أن الخراب ينشأ في العالم من الاستبداد واللامبالاة والافتقار إلى الفهم الذي يتوهم أصحابه بأنهم يعرفون كل شيء، ومن ثم يدّعون لأنفسهم الحق في خداع الآخرين . في مذكراته، يرسم لنا ناباكوف صورة جميلة للحياة ويحذرمن السعي لقتل الأشياء الجميلة، وعدم النظر بجدية إلى المستقبل. أرجو من جنابك ألا تسخر من سذاجتي وتقول "يا رجل"، ترطن بالروايات، في الوقت الذي انتصرنا فيه على الديمقراطية الأمريكية، وقدمنا نموذجاً حضارياً إلى العالم عندما أطلقنا الرصاص على آلاف المتظاهرين لأنهم طالبوا بمحاسبة الفاسدين، ياعزيزي الذي لم تنم فرحاً بما حدث في امريكا ، فاتك أن تنظر إلى الصورة الأخرى، المؤسسات القوية التي تحكم القرار السياسي ، والتي وقفت بحسم ضد نزوات ترامب وجمهوره، حيث تطلعت أعيننا إلى مشاهد لم نألفها، نائب الرئيس يندد بما فعله أنصار رئيسه، ويقرر أن يوقع على قرار فوز بايدن، الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب يصدر بياناً يدين فيه ما فعله " ابو إيفانكا " ، ويقرر الحزب أن يقف إلى جانب مؤسسات الدولة.. أما نحن في هذه البلاد فالحزب يكشر عن أنيابه إذا ما اقترب أحد من قادته، في هذه البلاد ننتخب ساسة لا يحترمون مؤسسات الدولة . مشكلتنا ياعزيزي أنّ السياسي عندنا أهمّ من الدولة، وأن الأحزاب هي المالكة الشرعية للبلاد، تُقسم المناصب فيما بينها وتضع الأقارب والأحباب على رأس مؤسسات الدولة، وترفع شعار الولاء بدلاً من الكفاءة.

مضحكة الديمقراطية العراقية، فلسنوات نكتب ونؤشر عن الخراب، والأحزاب لا ترى.. ولا تسمع.. ولا يهمها صراخ الناس، بل إنها قامت، وبشطارة، بتفريخ أحزاب جديدة ترفع يافطات من عينة "الإنجاز" و"التقدم" و"الاقتدار" و"المرحلة" و"الوعي" و"الحقوق"، والأهم أن يؤسس همام حمودي مع جلال الدين الصغير حزباً للتصحيح، فيما يصر تيار الحل لصاحبة جمال الكربولي على أن لا حل لمشاكل العراق من دون منح مزيد من المقاولات إلى آل الكربولي، في الوقت الذي يعتقد فيه محمد الحلبوسي على أنه وحده له الحق في تأسيس حزب عراقي "كامل الدسم". 

في كل يوم يكتشف المواطن العراقي أنه على حافة المجهول. والمجهول في كل مرة احزاب "كاريكاتورية "، لا تهتم بمستقبل الملايين من الناس الذين يجدون كل يوم ان الخراب يخيم على مؤسسات الدولة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram