عدوية الهلالي
بعد يومين فقط من دخول الأميركان ، صحوناعلى حادث مهم في تاريخ بلدنا تمثل بإباحة المخازن الكبرى في مناطق عديدة من بغداد والمحافظات إضافة الى إباحة الدوائر الحكومية وقصور الرئيس المخلوع وكل ماكان ملكاً للحكومة الزائلة ...
كان أبناء هذه المعركة الخاسرة في نظرنا والرابحة في نظرهم قد حصلوا وقتها على لقب ( أبطال الحواسم) بامتياز ، فقد خاضوا معركتهم الخاصة تحت الرصاص باذلين كل مافي وسعهم لنهب كل ماوقعت عليه أيديهم من خيرات البلد على اعتبار أنها تمثل حصتهم في النفط التي حرمهم منها الدكتاتور السابق ..كانت نظراتهم مليئة بالتشفي وكأنهم عالجوا بالنهب حرماناً دام سنوات طويلة من أبسط وسائل الراحة والسعادة في الحياة .. يومذاك ، تحدث العالم عن ( الفرهود ) العراقي بوصفه وصمة في تاريخ العراق واعتبر المحللون ذلك التصرف جزءاً من شريعة الغاب والإباحية التي عمت المجتمعات قبل قيام الحضارة وإلا فكيف لشعب متحضر أن يحتل دوائر الدولة ويغتصب أملاكاً عامة ستعود عليه بالنفع مستقبلاً .. ..أما من شارك فيه فقد تحول الى تاجر حواسم من محدثي النعمة وربما تمكن بما لديه من مال أن يشتري له مقعداً حكومياً أيضاً ليصبح من حواسم المال والسلطة معاً ..
اليوم ، لم يعد الفرد العراقي العادي يحلم بحصته من النفط ، بل صار يحلم بشيء من الراحة فقط ..والراحة لديه هي الحصول على الأمان والراتب او العمل المضمون الذي يلبي حاجاته الاساسية فقط ..أما السكن الذي تصور أنه سيكون من أبسط مكاسبه فقد ظل حلماً وردياً وتمكن أبطال الحواسم فقط من احتلال منازل أو قطع أراض قاموا ببنائها تجاوزاً على القانون ولم تتمكن الحكومة من استعادة أغلبها حتى الآن ..
كيف سيتصرف الفرد العراقي اليوم إذن بعد أن صار مصيره مهدداً بارتفاع وانخفاض الدولار من جهة ، وتقليص الراتب أو غيابه الطويل من جهة أخرى ..هل سيجرؤ يوماً على أن يحلم بحصته من النفط ؟ أو يضع ضميره ووطنيته جانباً ليمارس لعبة ( الفرهود) بأية طريقة كانت وينتمي الى أبطال الحواسم ؟ هل سيجازف بالخروج في تظاهرات خاسرة مقدماً لأنها مخترقة بامتياز؟ أم ينتظر فرجاً طال انتظاره وضعفت الآمال بتحقيقه ..الأسئلة كثيرة والهموم العراقية كبيرة والأزمة الحالية خطيرة أما أحلام العراقيين فستظل صغيرة جداً..وفقيرة ..