طالب عبد العزيز
لا نريد أن نستبق الأحداث ونرسم صورة قاتمة لزيارة الحبر العظم، البابا فرنسيس الى العراق، للفترة من 5-8 آذار القادم، هذه الزيارة التي يترقبها بسعادة بالغة، أشقاؤنا المسيحيون والعراقيون بعامة، والتي تأتي كسابقة لقداسته في الشرق الأوسط، حيث تحتدم الأحداث في العراق، المنطقة الأكثر سخونة في وقائعها، وبسبب ما قامت به عصابات داعش، في المنطقة المسيحية على وجه التحديد.
لكننا، لم نلحظ الحكومة العراقية حتى اليوم، إنها أعطت الزيارة التاريخية هذه أهمية في برنامجها، أو أنها تحدثت بتفاصيل قليلة عن أهمية الحدث، مع يقيننا بأن العراق بمسيس الحاجة الى تأهيل دولي، يمنحه المكانة التي تليق به، مثلما هو بحاجة الى ترميم الصورة القاتمة المرسومة له في أغلب الميادين، ولعل قيام الحكومة بتأهيل بعض الأديرة والكنائس في الموصل وسهل نينوى وبغداد ومدن الجنوب، والتحضير لمؤتمر تُدرس فيه أهمية الزيارة، فضلاً عن التنسيق الأهم مع مرجعية النجف(السيستاني) بالذات أمرٌ ضروريٌ في ذلك.
ربما تشهد الساحة العراقية في الفترة تلك، أي زيارة البابا احتداماً سياسياً وأمنياً بسبب التحضير لانتخابات حزيران 2021، وقد تقوم العناصر المتقاطعة مع الدولة، والخارجة على القانون بعمل مسلح، يواكب الزيارة، وهو أمر متوقع ربما. ترى هل ستتمكن الحكومة من اتخاذ التدابير اللازمة في الحفاظ على الزيارة ونجاحها؟ والإفادة قدر المستطاع من وجود الحبر الاعظم في البلاد، بغية تقديم صورة جديدة للتسامح والتعايش بين الأديان والمسيحية بالذات، والعمل على لملمة الجراح التي خلفتها أحداث 2014-2017 حيث ارتكبت الدولة الاسلامية (داعش) أعمالاً إجراميةً بحق أهلنا في سهل نينوى والموصل، المنطقة الأعرق والاكبر، لسكنى المسيحيين والأقليات الأخرى في العراق.
ما سيسمعه البابا فرنسيس من القساوسة والأساقفة والمطارنة المسيحيين عن وجودهم ومكانتهم في التاريخ العراقي، وما تعرضوا له خلال السنوات الأخيرة سيكون ناقصاً ما لم يسمع من الباحثين المسلمين عن ذلك أكثر، لذا، نلفت نظر الحكومة الى ما يجب عليها القيام به، في سبيل ذلك، والذي منه التهيئة لمؤتمر موسع، يشترك فيه الباحثون المسلمون مع المسيحيين، لمنح العالم الصورة الحقيقية السابقة للتعايش، والصورة المشرقة التي سيكون عليها العراق، بعد خلاصه من داعش، وعودة النازحين الى مدنهم، وتعمير الضواحي المتضررة بالحرب، وإعادة بناء الأديرة والكنائس في الموصل والمدن العراقي الأخرى.
الحكومة التي تعاني من فقدانها السيطرة على قرارها بسبب قوة الأحزاب المسلحة داخلها، ولعب العناصرُ المدعومة من الجارة الارجنتينية بكراسيها وطاولاتها السريّة والمعلنة، بما أسس لوضع مضطرب، قابل للانفجار في أي لحظة، ستكون بحاجة الى دعم سياسي خارجي، ولعل نجاح زيارة البابا ستكون فرصة مناسبة، لتبيان حجم حاجتها لوقوف المجتمع الدولي معها، ولمعالجة أزماتها في السياسة والاقتصاد والأمن. ولنا أن نتصور النفع الاقتصادي الذي ستحققه الحكومة لو أنها تمكنت من فرض سيطرتها على المدن العراقية، واستعادت هيبتها كدولة مؤسسات من السياحة الدينية، وزيارة الأماكن المسيحية وغيرها، الممتدة على طول العراق وعرضه، وبما لا يخل في مكانته كدولة مسلمة، تؤمن بالتسامح والتعايش السلميين بين شعوب الأرض.