إياد الصالحي
هلّلت لجنة الشباب والرياضة البرلمانية بالتصويت على مقترح قانون الاتحادات الرياضية يوم الأربعاء الثالث عشر من كانون الثاني 2021 والمقدّم من قبلها بعد معاناة طويلة اجترّتها التفسيرات الاجتهادية لقانون 16 عام 1988 حسب مصلحة المستفيدين من مواده،
برغم أن القانون الجديد لم يُعالج مشاكل كثيرة عانت منها الاتحادات وتغاضت اللجنة عن وضع شروط متقنة تأخذ بنظر الحسبان التحوّل المُذهل لمرحلة تكنولوجيا الرياضة المؤثرة في رسم معالم التطوّر للألعاب الفردية والجماعية في ضوء أسس علمية وأدوات محترفة بمواصفات علمية لقادة التنفيذ.
من دون شك، هناك عديد المتخصّصين في شؤون القانون الرياضي وجّهوا انتقادات حادّة لمضمون القانون، وأشاروا الى نصوصه الفقيرة وتعاريفه الغريبة، وعدم تلبيته الطموح والترقب بعد مرور 18 عاماً على تغيير نظام الحُكم في البلاد، ويمكن أن تجري بعض التعديلات عليه وفقاً لما يُقدّم من مقترحات، لكن كيف مَرّرت الجهة المعنية (الاتحادات) بهيئاتها العامة والتنفيذية القانون وهو يتجاهل (الشهادة الجامعية الأولية لعضو الهيئة التنفيذية وتقييم نصف الدورة الانتخابية وسِنّ السبعين للمرشح)؟
فما مرّت به رياضتنا من مواقف حرجة نتيجة قبول مُرشحين أمّيين لم يكملوا الدراسة الإعدادية تصرّفوا بعبثٍ شديدٍ في مقدراتها المالية والإدارية قبل عام 2003 شجّع أغلب الاتحادات على إقامة تحالفات تهتم بعلاقات الهيئة العامة مع رئيسها وأعضائها أكثر من مصير اللعبة وسُبل صناعة أبطال أولمبيين وفقاً لأساليب علمية تعتمد خبرة القائمين على الاتحاد، وانتقل فايروس التخلّف الإداري لما بعد العام المذكور حتى أصبح حامل شهادة الإعدادية عاجزاً تماماً عن مسايرة المتغيرّات السريعة في نُظم ولوائح الاتحاد الدولي والاخفاق الذريع ببرمجة اتفاقات تعاون مع دول أوروبية وملاكات فنية أجنبية اصطدمت بالأداء الروتيني وسياسة تعاطي الهيئة التنفيذية للاتحاد نتيجة الفقر العلمي!
تشير معلومات مسرّبة من قاعة التصويت البرلماني أن المادة (9) الخاصة بشروط عضوية الهيئة التنفيذية للاتحاد مثبّت في (رابعاً) منها "أن يكون حاصلاً على شهادة البكالوريوس" لكن جرى تغييرها الى الإعدادية دون إدراك تبعات هذا التغيير، ومدى علاقته بثلّة من رؤساء وأعضاء الهيئات التنفيذية الذين وجدوا في شبكة العنكبوب الانتخابي أفضل المصائِد لأوراق تجديد الثقة، وهو ما يؤكد أن مشرّع القانون انحاز الى جيل فقير ثقافياً وغير قابل لهضم فصول الحداثة في الرياضة العالمية وهي تحطّم الأرقام القياسية ببرامج عملية كل دورة أولمبية وقارية، بينما نحن حطّمنا رياضتنا طوال ستة عقود ولم نزل نتحدّث بكل عجرفة عن حيازتنا الميدالية الوحيدة لعبدالواحد عزيز في أولمبياد 1960!
أما تقييم عمل الاتحاد وسحب الثقة أو تجديدها لا ذكر له في تشكيلة الاتحاد المادة (11- ثانياً) ولم نزل نعاني من عقدة الخوف في تضمين شرط التقييم بعد مرور نصف المدة الشرعية أي سنتين للوقوف على مدى جدوى بقاء رئيس الاتحاد أو أحد الأعضاء أو التشكيلة كلّها كنتيجة لحصاد سنتين من التماس المباشر في البطولات والبرامج والورش وحلول الأزمات المحلية والدولية وسِعة القاعدة من ضيقها ونزاهة الانفاق المالي من عدمه، وإلا مِن غير المعقول أن يتمدّد الجميع لأربع سنوات بذريعة الاستحقاق الانتخابي! فيما الاتحاد يفقد شروط استمراره بالتتابع لعدم كفاءة مسؤوليه وكأنّ المصادقة على التقريرين المالي والإداري تعفي الاتحاد من التقصير، والجميع يعلم أن أيدي المصوّتين بنعم جاهزة للرفع قبل إقامة المؤتمر السنوي؟!
ومرّة أخرى يُرتكب الخطأ ذاته في تحديد عُمر المرشّح للهيئة التنفيذية بعدم تجاوزه سن الخامسة والسبعين، بعدما ضُمِّنَ ذلك في النظام الداخلي للجنة الأولمبية الوطنية، بخلاف جميع انظمة الاتحادات واللجان الأولمبية في العالم لاسيما الدول الساعية الى تجديد دماء القيادة بأعمار لا تتجاوز سنّ السبعين احتراماً للزمن وما تخلّفه الأزمات من ضغوط نفسية تشلّ قدرة المسؤول على اتخاذ القرار اللازم دون مراعاة مصلحة أي طرف لئلا يصبح محطّ استعطاف الأنظار ما بعد السبعين لعدم تحمّله صدمة اتخاذ قرار ستراتيجي يعود عليه برد فعل قوي وأمرّ، وربما يُسهم ضُعفه في تكافؤ الحرامي والأمين من أجل سِتر المستور!