علي حسين
الأحزاب التي تريد أن تصطاد الناخب بشعارات عن الدولة المدنية، أو تحث الخطى نحو تشكيل واجهات بأسماء أخرى، ما رأيها في مهرجان إعادة مجالس المحافظات؟.
لانزال نعيش في بلاد ساستها مرضى بشيء اسمه الكرسي، كان علينا أن ننتظر مجلس النواب ليعلن فشل مجالس المحافظات، وأنها غير صالحة للاستخدام البشري، ولم تجلب للمواطن سوى الخراب، وقرارات "قرقوشية"، تريد ان تدخل التاريخ من بوابة الفضيلة والإيمان المزيف ، ومقايضة عوز الناس ومعاناتهم، بأنهار من الوعود الكاذبة .
في كل ظهور لأحد نوابنا "الأشاوس" أسال نفسي: لماذا تزدهر مدن العالم، فيما تتراجع أقضية ونواحي تغفو بيوتها العتيقة على بحيرات من الثروة؟ لأن أحداً لم يقرأ ذلك التعريف الجميل الذي وضعه صاحب التاريخ الحميم للإنسانية، تيودور زيلدن "أما الوطن فهو المسكن الذي لا يشترط فيه تفضيل مصالح الساسة على مصالح الناس… لا وطن في حالة النفاق والرياء..".
سيقول البعض كلاماً كثيراً عن الإمبريالية وتعطيل عملية البناء والمؤامرات الخارجية، وسيل من المفردات الثورية التي تنبئ بأن جهداً مراوغاً يُبذل لإعادة إنتاج نظرية جديدة تتحول فيها حقوق الناس إلى "مِنّة" يتفضل بها المسؤول، وأن هناك أصواتاً تنشط هذه الأيام في محاولة تثبيت نغمة "الدفاع عن حقوق الفقراء"، في الوقت الذي يعلم الجميع أن هؤلاء أول من سلب من فقراء بغداد والبصرة والأنبار وصلاح الدين والناصرية، حقهم في العيش بكرامة وطمأنينة، والأهم حقهم في التمتع بثروات بلادهم.
في كل يوم وأنا أتطلع إلى وجوه فقراء بلادي، لم أرَ سوى علائم الأسى والقهر، وجوه تخاف من الغد، فيما على مقربة منهم مدن تقطع المسافات من عصر إلى عصر، في قطار مذهب اسمه الاستقرار والعمران.
كان والد الخطيب البغدادي تاجراً وأراد لابنه أن يواصل مهنة الأجداد، لكن صاحبنا انصرف إلى الكتب والتأليف والكتابة، وأشهر ما ترك لنا نحن أبناء الرافدين كتابه الموسوعي "تاريخ بغداد"، وفيه يسلط الضوء على هذه المدينة، التي ملأت الدنيا حكايات، وشغلت الناس بأخبارها، خطر لي كتاب البغدادي وأنا ارى البعض من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يدافعون عن مسول فاسد او سياسي انتهازي. ظل صاحب تاريخ بغداد يصر على أن كل نزاع بين الولاة والسلاطين كان يأخذ صفة الدفاع عن القانون وسلامة الناس، حيث استمر الدفاع عن القانون عقوداً حتى وجدنا ساسة ومسزلين يصرّون على أن يأخذوا القانون معهم إلى القبر. سيردّ القارئ: إنك تفكر في دول على شاكلة سنغافورة والامارات والنرويج ونحن بلاد علّمنا العالم، القانون وقبله الكتابة. ايها السادة اليوم نحن بحاجة الى مسؤول يعترف ان عصر مجالس المحافظات يجب ان ينتهي.