علي حسين
مرّة أخرى، محاصرة طلبة الجامعات وفرض قوانين "قرقوشية" عليهم ، أم العلم والرفاهية والأمان؟، تطوير منظومة التعليم والصحة والصناعة والزراعة والاقتصاد والكهرباء ، وإصدار قرارات لإشاعة مبدأ العدالة الاجتماعية ، أم إصدار قرارات لمراقبة الطلاب في الجامعات؟
تندلع الأسئلة مجدداً مع الاشتباك الدائر حالياً حول تراجع مستوى التعليم وغياب الخدمات وانتشار المحسوبية والانتهازية والرشوة والفساد، هل نهتم بتحديث مؤسسات التعليم وتطويرها وبث الحياة فيها، أم ننتظر خطط حسين الشهرستاني الذي أخبرنا قبل أربع سنوات أن جامعاتنا ستنافس جامعة كامبريدج وتتفوق على جامعات سنغافورة؟، وهي بالتأكيد إنجازات تضاف إلى إنجازات عالمنا
" النووي " عندما استطاع أن يصدر الكهرباء إلى دول الجوار، وأن ينمي واردات البلاد ويجعل من الكهرباء ثروة وطنية مثلها مثل نوابنا الاعزاء ، ولعل أكبر دليل على المكانة التي وصلت إليها الجامعات العراقية هو القرار الذي أصدرته جامعة بابل والذي قررت فيه، بعد أن احتلت موقعها في التصنيف الدولي كواحدة من افضل جامعات العالم، أن تلتفت لتنظيم أخلاق الطلبة، فقررت أن تصدر قرارها "الثوري" بإلزام طلبتها بما اسمته "الحشمة" و"عدم التبرج"، والالتزام بألوان ملابس يقررها رئيس الجامعة "حصراً"، وهي قرارات تذكرنا بما فعله ذات يوم خير الله طلفاح عندما أعلن إمارته الإسلامية في منتصف السبعينيات حين تسلم منصب محافظ بغداد، فقد قرر الرجل أن يطلق حملة إيمانية ابتدأها بقرار مضحك، بصبغ سيقان كل فتاة ترتدي تنورة تصل حد الركبة، ثم تفتق ذهنه الكبير عن خطة جديدة للقضاء على عملاء الغرب بأن أمر شرطته أن يجوبوا الشوارع ملقين القبض على كل من سوّلت له نفسه وأطلق العنان لشعر رأسه !. لعل من المخجل حين يتم اختزال معنى الاخلاق في إجراءات مضحكة ، مثل الاكسسوارات والوان الملابس .
من حق الجامعة أن تمارس دورها في تطوير قدرات طلبتها، ولكن ليس من حقها أن تنصّب نفسها مسؤولة عن أخلاق الناس وسلوكهم الاجتماعي وملبسهم ومأكلهم، من المعيب أن يخرج مسؤول حكومي في القرن الحادي والعشرين وفي بلد يتشدق ساسته بالديمقراطية وحرية الشعوب ليقول لنا إنه سيطارد الطالبات بقانون "الحشمة"، في الوقت الذي يسكت فيه هذا المسؤول عن تدهور التعليم، ومن المخجل والمثير للقرف أن نطارد شباباً بحجج أخلاقية واهية فيما هم يتعرضون لظلم كبير بسبب البطالة والانتهازية وعدم تكافؤ الفرص والاستحواذ الذي تمارسه الكتل السياسية على كل منافذ الحياة في العراق.
في كل مرة حروب بلا نهاية، والخلاصة، يامولاي المواطن العزيز، تتطلب منا أن ندرك جميعا أن لا بديل عن دولة المواطنة، لأن دولة
"الحشمة" المزعومة تم تجريبها وفشلت.. تذكر جيداً أنها فشلت.
جميع التعليقات 1
khalidmuften
الحشمة الجامعية يصدرها الغارقون في الفساد وسرقة المال العام لتغطية على انحلالهم الفكري والاخلاقي .